115

Ringkasan Harian dan Fragmen

خلاصة اليومية والشذور

Genre-genre

أنا لا أصدق إلا أن الإنسان أقدر على إشقاء نفسه وغيره، منه على إسعاد نفسه وغيره، فلماذا هذا؟ ألأن السعادة ليست ضرورية للإنسان كالشقاء؟! نعم، نحن أرغب في السعادة ونحن أطلب لها، ويخيل إلينا أننا لا نحيا بغيرها، ولكن لماذا لم نعط من وسائل السعادة ما أعطيناه من وسائل الشقاء؟ وما معنى هذه الرغبة يا صاح؟ هل تأتلف الرغبة والحاجة دائما؟ أم هل ترتبط الكراهية بالاستغناء في كل حين؟ اللهم لا.

فيا أيها الظامئ الجاد وراء السراب: إن كان ظمؤك إلى السعادة وليس إلى شيء آخر فلا ترج أن تشربها في جمجمة إنسان، ولا سيما الجديدة التي لم تعتق والمقفلة التي لم تكسر ... وإنك قد يحلو لك سلسبيل الحياة إذا تجرعت منه بكفيك، ولكنك حيثما عمدت إلى إناء غير يدك، أو أداة خارجة عن جسدك، فهنالك لا بد من ذرة من جمجمة إنسان.

الصدى ونرجس

الصدى في أساطير القدماء جنية من بنات الغاب والأودية، ونرجس فتى سليل إلهين من آلهة الماء، وكانت (الصدى) ذات منطق فصيح وحديث خلاب يستهوي السامع فينسيه نفسه، ويلهيه عن شأنه، فمرت بها (هيرا) حليلة (زوس) رب الأرباب فاستوقفتها بالحديث وعاقتها عما قدمت له، وكانت (هيرا) قادمة لتباغت (زوس) مع خليلاته، فلما وصلت كن قد هربن وبقي حليلها وحده في مخدعها، وعلمت (هيرا) أنه لولا (الصدى) لما أفلت أولئك الضرائر منها، فغضبت عليها وسلبتها قوة الحديث إلا أن تردد ما تسمعه ولا تزيد عليه.

أحبت (الصدى) (نرجس) فلم يحفل بها، وامتنع عليها أن تبثه هيامها فذاب لحمها، وبلي عظمها، ولم يبق منها إلا نفس مصعد وصوت مردد، أما (نرجس) فقد نقمت عليه (نمسيس) بنت الليل والربة المنتصفة للمظلوم من الظالم، نقمت عليه جفاءه وتيهه فأمهلته إلى أن أقبل على بعض العيون ووقف يعجب بما أبداه الماء من جماله فمسخته زهرة في مكانه، فهو لا يبرح واقفا على حافات العيون والجداول ناكس الطرف يطل على خياله في الماء.

بهذا التمثيل الشعري كان القدماء يفسرون عجائب الطبيعة ويشاركونها الإحساس فيبتهجون ويخالون أنها تضحك لهم، ويحزنون ويحسبون أنها تبكي معهم ويصاحبونها مصاحبة الأحياء للأحياء، فكانت الطبيعة حياة كلها، وليس في زاوية من أخفى زواياها موضع للجمود.

وقد كانت هذه الأساطير مادة غزيرة للشعراء فأولعوا بالنظم فيها، وعني أحدهم بنظم قصص المبدولين والمتقمصين فسبكها أحسن سبك ... وهو (ببليوس أوفيداس ناسو) شاعر لاتيني ولد قبل الميلاد ونفاه القيصر أوغسطس من روما لافتتان الشعب الروماني بغزله، كما نفى عمر بن عبد العزيز الفرزدق من المدينة لتهتكه، وكما نهى المهدي بشارا عن النسيب في أبان المدنية العباسية، وإليك ما نظمه في حكاية الصدى، قال:

راحت الصدى تقفو أقدام نرجس ولا يراها، وكلما لحقته تعاظمت برحاؤها، وتحرقت أحشاؤها، كهواء المشاعل يتبعها ولا تدركه الأبصار، ويكاد يضطرم وإن لم تمسه نار، وطالما همت بأن تفاتحه بتحية أو تستعطفه بكلمة، فكان يخونها الحياء ويستعصي عليها النداء.

وضل نرجس عن رفاقه يوما، فجعل يصيح: أليس هنا أحد؟ قالت الصدى: هنا أحد ... وسكتت.

فبهت نرجس وتلفت حوله ليرى مصدر الصوت، ونادى: هلم إلي! هلم إلي! فسمع الصدى تجيبه: هلم إلي ...

Halaman tidak diketahui