Khilāṣat al-Mukhtaṣar wa-Naqāwat al-Mu‘taṣar
خلاصة المختصر ونقاوة المعتصر
Editor
أمجد رشيد محمد علي
Penerbit
دار المنهاج
Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
1428 AH
Lokasi Penerbit
جدة
Genre-genre
ثم ذكر رضي الله عنه ورحمه أنه خرج عن عزلته وخلوته إلى نفع الناس وإرشادهم ؛ لما رأى من ضعف إيمان أصناف الخلق لأسباب كثيرة ، فقال بعد كلام طويل : ( فشاورت في ذلك جماعة من أرباب القلوب والمشاهدات ، فاتفقوا على الإشارة بترك العزلة والخروج من الزاوية ، وانضاف إلى ذلك منامات من الصالحين كثيرة متواترة تشهد بأن هذه الحركة مبدأ خیر ورشد قدرها الله سبحانه على رأس هذه المئة ، فاستحكم الرجاء ، وغلب حسن الظن بسبب هذه الشهادات ، وقد وعد الله سبحانه بإحياء دينه على رأس كل مئة ، ويسر الله الحركة إلى نيسابور للقيام بهذا المهم في ذي القعدة سنة تسع وتسعين وأربع مئة ، وكان الخروج من بغداد سنة ثمانٍ وثمانين وأربع مئة ، وبلغت العزلة إحدى عشرة سنة)(١).
قال الفارسي بعد سرد رحلاته وعلو علمه وجاهه : ( وتفكر في العاقبة ، وما يجدي وما ينفع في الآخرة ، فابتدأ بصحبة الفارَمَذي(٢) وأخذ عنه استفتاحَ الطريق ، وامتثل ما كان يشير به عليه من القيام بوظائف العبادات ، والإمعان في النوافل ، واستدامة الأذكار ، والجد والاجتهاد ؛ طلباً للنجاة ، إلى أن جاز تلك العقبات وتكلف تلك المشاق ) اهـ(٣)
ثم رجع بعد ذلك إلى بغداد وعقد بها مجلسَ الوعظ ، وحدّث بكتاب ((الإحياء))، ثم عاد إلى خُراسان ودرّس بالمدرسة النظامية(٤) ، ثم رجع إلى طوس ، واتخذ مدرسةً للفقهاء وخانقاه للصوفية بجانب داره ، ووزع أوقاته على وظائف من ختم القرآن ومجالسة أرباب القلوب ، والتدريس لطلبة العلم ، وإدامة الصلاة والصيام وسائر العبادات ، وكان في آخر أمره مقبلاً على حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم ومجالسة أهله ، ومطالعة (( الصحيحين)).
فكان هذا حاله رضي الله تعالى عنه إلى أن انتقل إلى رحمة ربه تعالى ورضوانه.
(١) المرجع السابق ( ص ٧٦ - ٨١ ).
(٢) ستأتي ترجمته في شيوخ الغزالي .
(٣) الطبقات الكبرى (٢٠٩/٦) .
(٤) اسم المدرسة التي بخراسان ، منسوبة إلى بانيها الوزير نظام الملك آنف الذكر.
37