من المراكب إلى البلد ، وخرج الجزار ومن معه إلى البر وتلقوهم وبلوا فيهم السيف فقاتلوا قتالا شديدا لم يسمع بمثله ، فما أتى عليهم الليل إلا وقد ذهب تحت سنابك الخيل من الفرنسيس خمسة عشر ألفا وزيادة ، وقتل من عسكر الزار خمسة آلاف رجل غير الجرحي ، وكان مراد بيك أيضا قد وصل إليهم قبل مراكب الأنقرين ، وكان الذي أخبر مؤرخ هذه الواقعة رجلا ثقة من حرب حضرها هو وثلاثون رجلا من حرب كلهم هلكوا في تلك الحرب سواه.
وهو الذي وصل بالبشر إلى الحرمين ، وكان قبل هذه الواقعة في الطائف السيد محمد الجيلاني مقيما به ، فلما بلغه خبر مصر قام في الناس ورغبهم في الجهاد حتى فارقوا الآباء والأولاد ، وبادروا معه خصوصا أهالي مكة ، ورحل إلى مكة وحث أهلها فأمدوه بما قدروا عليه من أموالهم ، ثم توجه معه نفر كثير منهم ، فلما وصل إلى جدة وعظهم وحثهم فبذلوا له من الأموال شيئا كثيرا ، إلا أن أهالي مكة شكا كثير منهم من رجال ونساء إلى الشريف أنهم صاروا عالة على الناس لفقد أزواجهم وأولادهم لكثرة من تبعه كتابا لوزير جدة ، فرد أكثرهم إلا من ركب بحرا.
ثم توجه الجيلاني من طريق الينبع إلى الصعيد فصادف بعض جيوش من الفرنج ببلد يقال لها قطية ، فاقتتلوا هناك وقتل العالم عايد السندي ، ورجال معه. وانهزم القية ، وذهب الجيلاني إلى الصعيد فمرض به واشتد به إطلاق البطن ، فمات مبطونا ، وبعض أهل مكة سافروا إلى نواحي الصالحية وبولاق ، فوافوا مراد وقاتلوا معه ثم توجهوا نحو الصنادجق إلى نواحي بلد السودان ، بسم أن السلطان سليم وجه يوسف باشا وزير
Halaman 214