Khitab dan Perubahan Sosial
الخطاب والتغير الاجتماعي
Genre-genre
ولكن الخطاب باعتباره شكلا من أشكال الممارسة السياسية والأيديولوجية هو الذي يتصل اتصالا وثيقا باهتمامات هذا الكتاب؛ فالخطاب باعتباره ممارسة سياسية ينشئ علاقات السلطة ويحافظ عليها ويغيرها، وكذلك الكيانات الجماعية (الطبقات، التكتلات، المجتمعات المحلية، والمجموعات) التي تنشأ فيما بينها علاقات السلطة. والخطاب باعتباره ممارسة أيديولوجية يكون دلالات العالم، ويطبعها، ويحافظ عليها ويغيرها من مواقع منوعة في علاقات السلطة. وعلى نحو ما توحي به هذه الصياغة، لا تتسم الممارسة السياسية بالاستقلال عن الممارسة الأيديولوجية، فالأيديولوجيا دلالات تتولد داخل علاقات السلطة باعتبارها بعدا من أبعاد ممارسة السلطة والصراع على السلطة. وهكذا فإن الممارسة السياسية تعتبر الفئة الأعلى مكانة. أضف إلى ذلك أن الخطاب باعتباره ممارسة سياسية ليس موقعا للصراع على السلطة وحسب، بل شريك أيضا في ذلك الصراع، بمعنى أن الممارسة الخطابية تنهل من الأعراف التي تطبع علاقات سلطة وأيديولوجيات معينة، كما أن هذه الأعراف نفسها، وطرائق التعبير والإفصاح عنها، تمثل بؤرة تركيز للصراع. وسوف أسوق الحجة أدناه على أن مفهوم جرامشي للهيمنة يقدم لنا إطارا مثمرا لوضع تصور نظري للأبعاد السياسية والأيديولوجية للممارسة الخطابية والبحث فيها.
لن أقول إن أنماطا معينة من الخطاب تتسم بقيم سياسية أو أيديولوجية راسخة، بل أقول: إن مختلف أنماط الخطاب في مجالات اجتماعية مختلفة أو في أطر مؤسسية معينة قد تصبح «مشحونة» سياسيا أو أيديولوجيا (فراو ، 1985م) بطرائق محددة. ويعني هذا ضمنا أن أنماط الخطاب قد تصبح أيضا مشحونة بطرائق مختلفة، وقد «يعاد شحنها» في بعض الحالات (وسوف أضرب مثالا في آخر مناقشة التغير الخطابي أدناه).
ومن الأهمية بمكان قضية تصورنا للأعراف والمعايير الخطابية التي تستند إليها الأحداث الخطابية. ولقد سبق لي أن أشرت إلى الرأي البنيوي الذي يقول بوجود مجموعة كاملة التعريف من الأعراف أو الشفرات التي لا نشهد منها إلا نماذج مفردة في الأحداث الخطابية. وقد اتسع نطاق هذا الرأي فأصبح يقول: إن مجالات علم اللغة الاجتماعي تتكون من مجموعة من أمثال هذه الشفرات ذات التوزيع المتكامل، بمعنى أن كلا منها لديه وظائفه الخاصة وأحواله الخاصة وشروط ملاءمته، وأن هذه تنفصل عن غيرها بحدود حاسمة (وأنا أنتقد الآراء الخاصة بالتفاوت في علم اللغة الاجتماعي والمبنية على مفهوم «المواءمة» في كتابي المقبل، فيركلف، تحت الطبع ب). والمداخل التي تنتمي إلى هذا النوع ترصد تغير النظم داخل الجماعات اللغوية وفقا لمجموعة من المتغيرات الاجتماعية، ومنها الظروف القائمة (مثل قاعة الدرس، وملعب المدرسة، وغرفة الأساتذة، وقاعة الاجتماعات، فهي تمثل أماكن مدرسية مختلفة) وأنماط النشاط والغرض الاجتماعي (مثل التعليم، وإعداد المشروعات أو الاختبارات في قاعة الدرس) والمتكلم (مثل المعلم في مقابل التلميذ). وطبقا لهذا الرأي، تصبح الشفرة ذات أولوية، ومجموعة الشفرات مجرد حاصل جمع أجزائها.
وأما المدخل الذي يحمل المزيد من الثمر للتوجه التاريخي للتغير الخطابي في هذا الكتاب فهو مدخل محللي الخطاب الفرنسيين الذين يقولون إن المركب الخطابي، أي المجموعة المركبة المتكاملة من التشكيلات الخطابية، تتمتع بالأولوية على أجزائها ولها خصائص لا يمكن التنبؤ بها من استقراء أجزائها (انظر مناقشة بيشوه في الفصل الأول عاليه). والمركب الخطابي أيضا هو الكيان البنائي الذي تقوم عليه الأحداث الخطابية، وليس تشكيلا مفردا أو شفرة مفردة: إذ يتجلى في أحداث خطابية بالغة الكثرة التوجه إلى بناء تكوينات من عناصر الشفرة، وإلى رسم حدود للحادثة الخطابية القائمة (وإن كانت حالة خاصة) وبنائها من النموذج المعياري لشفرة مفردة؛ بحيث تعتبر بمثابة القاعدة. ومن الأمثلة على ذلك «الأنواع المختلطة» التي تجمع بين عناصر نوعين أو أكثر، مثل «الدردشة» في برامج الدردشة التليفزيونية، التي تتكون في جانب منها من المحادثة، وفي جانب آخر من التسلية والأداء التمثيلي (انظر تولسون، 1990م، حيث تحليل الدردشة أو «الشات»)، ولكنني سوف أستخدم مصطلح فوكوه وهو «نظام الخطاب» لا المركب الخطابي، لأنه يدل بوضوح أكبر على أنواع التكوينات المتصورة.
فلتستخدم المصطلح الأقل دقة، وهو «العنصر»، بدلا من الشفرة أو التشكيل، في الإشارة إلى الأجزاء التي يتكون منها نظام من نظم الخطاب (وسوف أعرض لطبيعة هذه العناصر أدناه). فعلى عكس الأوصاف المبنية على نظريات «المواءمة»، حيث يفترض وجود علاقة واحدة ثابتة تكاملية بين الأجزاء، أفترض أنا أن العلاقة يمكن أن تكون أو تصبح متناقضة. وقد تكون الحدود بين العناصر خطوط توتر. انظر مثلا في مواقع الذوات المنوعة الخاصة بفرد واحد أثناء وجوده في أماكن وأنشطة مختلفة داخل إحدى المؤسسات، من زاوية «بعثرة» الذات وانتشارها في تشكيل «النوعيات التعبيرية» بمصطلح فوكوه (انظر هذا المصطلح في الفصل السابق). ومن الممكن أن تصطبغ الحدود الفاصلة بين المواقف والممارسات بالصبغة الطبيعية إلى الحد الذي يجعل مواقع الذوات المذكورة تبدو متكاملة، في حين أنه إذا اختلفت الظروف الاجتماعية، فإن هذه الحدود نفسها قد تصبح مركزا للنزاع والصراع، بحيث تبدو مواقف الذوات والممارسات الخطابية المرتبطة بها متناقضة. فعلى سبيل المثال قد يقبل التلاميذ أن يحكوا قصص ما مروا به من خبرات بلهجاتهم الاجتماعية الخاصة، باعتبار ذلك أمرا لا غبار عليه في الأوقات المخصصة لمناقشته أثناء الدروس، لا في الأوقات المخصصة للدرس أو الكتابة، أو ربما يصبح التناقض بين ما هو مسموح به في مكان معين وغير مسموح به في مكان آخر أساسا للصراع حول تغيير الحدود التي تفصل بين المناقشة والتدريس والكتابة، وربما يكون قبول قصص الخبرات الشخصية، ولو في جزء محدد تحديدا صارما من أجزاء نشاط قاعة الدرس، حلا وسطا من ثمار منازعات سابقة، والكفاح في سبيل قبولها أصلا في قاعة الدرس.
وما يصدق على الحدود بين مواقع الذوات وأعراف الممارسات الخطابية المرتبطة بها يصدق بصفة عامة على عناصر نظم الخطاب، ويصدق كذلك على الحدود بين نظم الخطاب المتميزة؛ فقد ينظر إلى المدرسة ونظام الخطاب فيها باعتبارها تتمتع بعلاقة تكاملية وغير تداخلية مع المجالات المجاورة لها، مثل البيت أو الحي، ولكن، من ناحية أخرى، قد يصبح ما يظن أنه تناقضات بين هذه المجالات أساسا لصراعات ترمي إلى إعادة رسم الحدود وتحديد العلاقات، كالصراعات الرامية إلى توسيع اختصاصات الوالدين، وعلاقة الطفل وأعرافها الخطابية بالمعلم، والعلاقة فيما بين التلاميذ، أو العكس، على سبيل المثال، أو محاولة التوسع في علاقات الأقران وممارساتهم في الحي والشارع، بحيث تمتد إلى داخل المدرسة.
وتعتبر نواتج أمثال هذه الصراعات صورا لإعادة الربط بين نظم الخطاب، وذلك فيما يتعلق بالعلاقات بين العناصر في نظم الخطاب «المحلية»، مثل نظمها في المدرسة، وكذلك العلاقات بين نظم الخطاب المحلية في نظام الخطاب المجتمعي، ومن ثم فإن الحدود الفاصلة بين العناصر (وكذلك نظم الخطاب المحلية) قد تتفاوت وتتغير ما بين القوة النسبية والضعف النسبي (انظر برنشتاين، 1981م) استنادا إلى درجة ارتباطها الحالي؛ فقد تكون العناصر منفصلة ومحددة بدقة، وقد تكون مشوشة ملتبسة الصورة.
بل ينبغي ألا نفترض أن هذه «العناصر» تتسم بالتجانس الداخلي. فمن عواقب الصراع حول الارتباط الذي أتصوره أن بعض العناصر الجديدة قد تتكون نتيجة إعادة رسم الحدود بين العناصر القديمة. وهكذا فقد يكون أحد العناصر غير متجانس في منشئه، ولكن عدم التجانس التاريخي قد لا يبدو للعيان إذا كانت الأعراف قد اصطبغت بالصبغة الطبيعية الكاملة، وأما إذا اختلفت الظروف فقد يبدو عدم التجانس في صورة تناقض داخل ذلك العنصر. ومن الأمثلة على ذلك أسلوب تعليم مألوف يتكون من ممارسة المعلم لدورة من الأسئلة والأجوبة بنيت لاستخلاص معلومات محددة سلفا من التلاميذ، ولا ينظر إلى هذا الأسلوب بالضرورة باعتباره قائما على التناقض، ما دام المعلم يتظاهر بأنه يسأل التلاميذ وهو في الحقيقة يمدهم بالمعلومات، ولكن هذا الأسلوب يمكن تفسيره على هذا النحو. فإذا طبقنا مفهوم الاصطباغ هنا كان لنا أن نقول: إن العناصر والنظم المحلية للخطاب، والنظم المجتمعية للخطاب، يمكن أن نشعر بأنها ذات بناء متناقض، ومن ثم فإنها تسمح بأن يصبح إضفاء الصبغتين السياسية والأيديولوجية مركزا للخلاف في إطار الصراعات الدائرة ما بين محاولة إيقاف الاصطباغ وإعادة إضفائه.
وقد تختلف العناصر التي أشرت إليها اختلافا شديدا من حيث «نطاقها»، إذ تبدو في بعض الحالات متفقة مع الفهم التقليدي للشفرة الكاملة أو النطاق الدلالي (هاليداي، 1978م)، أي باعتبارها كتلة من المتغيرات ذات مستويات مختلفة ولها ما يميزها من الأنساق الصوتية، والمفردات، والأنساق النحوية، وقواعد تناوب الحديث وهلم جرا. والأمثلة على هذه الحالات جلسات البينجو (لعبة مراهنات باستخدام ورق اللعب) ومزادات بيع الأبقار، ولكن المتغيرات في حالات أخرى ذات نطاق أضيق، مثل نظم المناوبة في الحديث، والمفردات التي تتضمن نظما خاصة للتصنيف، والسيناريوهات التي توضع لأنواع (كتابية) خاصة مثل تقارير الجرائم أو القصص الشفاهية، أو أعراف التأدب وما إلى ذلك بسبيل. ومن وجوه التضاد بين نظم الخطاب مدى ما تصل إليه هذه العناصر من ثبات يجعلها وحدات دائمة الوجود. وسوف أشير في الفصل التالي إلى عدد صغير من أنماط العناصر المختلفة، مثل الأنواع، والأساليب، والأنماط وضروب الخطاب.
وقد يكون من المفيد هنا أن نتذكر مقتطفا من كلام فوكوه ورد في الفصل السابق يشير فيه إلى قواعد تشكيل الموضوعات في علاج الأمراض النفسية؛ إذ إن «العلاقات» التي يقول فوكوه إنها أصبحت تستخدم في خطاب الطب النفسي للسماح بتشكيل «الموضوعات» التي يشير إليها، يمكن تفسيرها بأنها علاقات بين عناصر خطابية متفاوتة النطاق، مثل «مستويات التخصيص»، و«مستويات التشخيص السيكولوجي»، فهذان المثالان يتكونان في جانب منهما على الأقل من المفردات، وأما «التحقيق القضائي» و«الاستجواب الطبي» فهما عناصر خطابية من نمط نوعي (انظر مناقشة النوع في الفصل التالي). ومع ذلك فنحن نلاحظ أنها ليست عناصر خطابية وحسب، فتحقيقات الشرطة والفحص الإكلينيكي، والحبس العلاجي والعقابي قد تتضمن مكونات خطابية، ولكنها ليست في ذاتها كيانات خطابية. وتؤكد أوصاف فوكوه التداخل المتبادل لما هو خطابي بغير ما هو خطابي في الأبنية الخاصة بالممارسة الاجتماعية. وفي ضوء هذا يمكن النظر إلى نظم الخطاب بأنها الواجهات الخطابية للنظم الاجتماعية، وهي التي يتسم ترابطها الداخلي، وإعادة ترابطها، بالخصيصة نفسها.
Halaman tidak diketahui