لما رحل الخروبي إلى الحج سنة 784ه رافقه ابن حجر ، وهو في نحو الثانية عشرة من عمره ، ليدرس في مكة الحديث النبوي الشريف على يد الشيخ عبد الله بن سليمان النشاوري ، وقد قرأ عليه صحيح البخاري ، وسمع في مكة من الشيخ جمال الدين بن ظهيرة ، وأقام بها سنة .
ثم عاد إلى القاهرة ، ودرس على عدد كبير من علماء عصره أمثال : الحافظ عبد الرحيم العراقي ، فدرس على يديه الحديث ، ودرس الفقه على سراج الدين بن الملقن ، والبلقيني ، والعز بن جماعة، والشهاب البوصيري .
... ثم رحل إلى الشام والحجاز واليمن ، واتصل بمجد الدين الفيروزابادي صاحب القاموس .
وأقام في فلسطين ، وتنقل في مدنها ، يسمع من علمائها ، ويتعلم منهم ، ففي غزة سمع من أحمد بن محمد الخليلي ، وفي بيت المقدس سمع من شمس الدين القلقشندي ، وفي الرملة سمع من أحمد بن محمد الأيكي ، وفي الخليل سمع من صالح بن خليل بن سالم .
وبالجملة فقد تلقى ابن حجر مختلف العلوم عن جماعة من العلماء ، كل واحد كان رأسا في فنه ، كالقراءات ، والحديث ، واللغة ، والفقه ، والأصول ، غير أنه وجد في نفسه ميلا وحبا إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم ، ويذكر عن شيخه العز بن جماعة أنه قال : أقرأ في خمسة عشر علما ، لا يعرف علماء عصره أسماءها .
مكانته بين أهل عصره :
تفرد ابن حجر من بين أهل عصره بعلم الحديث ، مطالعة وقراءة وتصنيفا وإفتاء ، وطبقت شهرته الآفاق في علم الحديث ، فصار المعول عليه في هذا الشأن ، وأصبح حافظ الإسلام ، وشهد له بالحفظ والإتقان القاصي والداني ، والعدو والصديق ، حتى أصبح لفظ الحافظ كأنه وقف عليه فلا يطلق إلا عليه ، ولا ينصرف إلا إليه ، وقد رحل إليه الطلبة من معظم الأقطار ، ونظرة في قائمة مصنفاته تريك علو همته ، وجلال قدره ، وسعة إلمامه ، وقد انتشرت مؤلفاته في الأقطار انتشارا منقطع النظير ، وتكاتب الملوك من قطر إلى قطر في شأنها .
Halaman 2