فأنت أيها الأخ الأديب لا تمثل جيلك، أستطيع أن أتبين هذا من معلوماتك ومن لغتك على السواء، ولعلك تتفق معي في الرأي إذا عرفت أن خطابك هو أول خطاب يصل إلي من طالب جامعي ليس فيه خطأ إملائي ولا خطأ نحوي، مما جعلني أقرأه عدة مرات فرحا به، باعثا في نفسي - كما قلت في أول حديثي - إليك شعاع أمل في ظلام يأس.
وكما كنت تريد أن تضحكني بأمثلتك دعني أضحكك بمثال من هذه الخطابات، فقد جاءني البريد منذ أيام بخطاب شديد اللهجة يهاجمني أنا ونجيب محفوظ ويوسف إدريس، ويقول إننا جميعا نكتب ونظرنا إلى السينما، فهو لا يعجب بها، وأن هذا شأنه مع كتب نجيب ويوسف جميعا، ثم هو يتساءل في جدية: أين أيها الأساتذة القصص البوليسية ولماذا لا تكتبونها لو أنكم حقا جادون؟
واللغة طبعا من عندي، فلا شك أنك أدركت أنه لم يستطع أن يقيم سطرا واحدا دون خطأ إملائي أو لغوي.
هذا الشباب الذي لا يعرف قيمة الرواية البوليسية في أدب الرواية هو يا أخي النموذج الذي أتحدث عنه، ومرة أخرى أحييك.
لا بد للقانون أن يستقر ... قرأت خبرا هذا الأسبوع أن هناك اتجاها جديدا إلى تغيير قانون الجمارك بالنسبة للسيارات بعد أن تبين للمسئولين أن القانون الحالي يتيح فرصة لبعض الناس أن تشتري بغير سبب.
وقد يكون ما تبين للمسئولين صحيحا، ولكن لماذا لم يقدر المسئولون هذا حين وضعوا القانون بادئ ذي بدء، إن الشرط الأول في القانون أن يتمتع بالدوام والاستمرار، وكثرة تغيير القوانين معناها أننا نعيش في بلد بلا قانون على الإطلاق.
وإن بقاء القانون مع استغلال بعض الناس له خير ألف مرة من تغييره في كل شهر مرة.
إن مثل هذه القوانين تمثل اقتصاد البلاد والحالة القانونية فيها، ولا يمكن أن نتصور أموالا تأتي إلينا وهي تشعر أنها قادمة إلى بلد لا يستقر فيها القانون على حال.
إن المشرعين عندنا يعرفون تماما معنى أن يتغير القانون، ومهما يكن الضرر المتحقق من قانون ما، فإنه أقل أثرا من الاضطراب العام الذي يجعل المال الأجنبي مذعورا، فهونا ما، فليس الأمر بهذا القدر من السهولة، إنه مستقبل شعب بأكمله، ولا بد أن يعي المسئولون الذين يغيرون القوانين أي خطر يشيع من هذا التغيير الذي لا تبدو له نهاية.
عندما يلوي الناقد لسانه
Halaman tidak diketahui