220

Khatim Nabiyyin

خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم

Penerbit

دار الفكر العربي

Lokasi Penerbit

القاهرة

Genre-genre

الصلاة والسلام، ونهى المحكومين عن أن يسكتوا عن ظلم الحاكمين، لأنه معاونة، فقال ﵊: «لا يأخذ الله تعالى العامة بظلم الخاصة إلا إذا رأوا ولم ينكروا» وأوجب حمل الظالم على العدل، وحث على ذلك فى قوة، فقال ﵊: «والله لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يدى الظالم، ولتأطرنه على الحق أطرا، أو ليضربن الله قلوب بعضكم ببعض، ثم تدعون فلا يستجاب لكم» . وإن هذه الأحاديث تدل على أمرين عظيمين: أولهما- شدة تمسك النبى ﵊ بالعدل والدعوة إليه والتشدد فيه، والاستمساك به، لأنه كمال فى ذاته، ويدل على استقامة النفس، حاكما كان أو محكوما، فهو الكمال المطلق إن كان- وثانيهما- أنه يدعو إلى العدل الجماعي، لأنه هو الذى يستقيم به أمر الجماعة، فلا يظلم الرجل أهله، ولا يظلم الزوج زوجه، ولا القريب قريبه، ولا الرئيس مرؤسه، ولا الحاكم محكومه، ولا المولى مولاه، وإنه ﵊ يقول فى حديث قدسى عن ربه: «يا عبادى إنى كتبت العدل على نفسى فلا تظالموا» . ١٦٢- ولقد كان ﵊ يتولى الفصل فى خصومات المسلمين فى خاصها وعامها، ويأتى فى فصله بحكم الله تعالى الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فكانت أقضيته تقصد القضاء بحكم الله تعالي، وتنفيذ ما أمر الله تعالى به من أمر وما نهى عنه، وكانت أحكامه عادلة، لا يحابى قويا، ولا يهضم حق ضعيف. ولما سرقت فاطمة المخزومية، وأهم قريشا أن يقطع محمد ﷺ يدها ذهب إليه حبه أسامة بن زيد فتشفع له فى ألا يقيم الحد عليها بقطع يدها، فنهره ﵊ قائلا له مستنكرا: أتشفع فى حد من حدود الله، ثم وقف خطيبا يقول: «ما بال أناس يشفعون فى حد من حدود الله، إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق الشريف تركوه وإذا سرق الضعيف قطعوه، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها» . فكان العدل الذى لا يمارى ولا يحابى فى حكم من أحكام الله تعالى. وكان ﵊ ينظر فى الأمر عند الاختصام إلى لب القضية، فيتعرف المعتدي، فيحكم عليه، ولا ينظر فقط إلى المظهر، ويروى فى الصحيحين (البخارى ومسلم) أن رجلا عض يد رجل اخر، فنزع المعضوض يده من فم الاخر، فوقعت ثناياه، فاختصموا إلى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، ويظهر أن الذى رفع الأمر من عض أخاه، فقال النبى ﵊، منحيا باللائمة على العاض مهدرا دية أسنانه: «يعض أحدكم أخاه كما يعض الفحل لا دية لك» .

1 / 227