Khatim Nabiyyin
خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم
Penerbit
دار الفكر العربي
Lokasi Penerbit
القاهرة
Genre-genre
ولقد كانت شكواهن من أن محمدا رسول الله ﷺ قد أخذهن بما أخذ به نفسه، وإن كان أخف ولكنه فى كلتا الحالتين دعا ربه أن يكون رزق ال محمد ﷺ قوتا، لا يتجاوزه إلى رافغ الحياة وفاكهها، ولذلك حلف بما حلف تأديبا وتجربة، ومحبة أيضا، وبعد أن مضى الشهر الذى حلف ألا يقربهن فيه، لم يعد إليهن إلا بعد تخيير صريح يقبلن فيه أن يكون رزقهن قوتا لا نعيم فيه، إلا بالحلال، وبين أن يسرخهن بالمعروف، وذلك بأمر صريح من الله ﷾ إذ قال سبحانه:
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها، فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ، وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحًا جَمِيلًا. وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ، فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا. يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ، وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا. وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحًا، نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ، وَأَعْتَدْنا لَها رِزْقًا كَرِيمًا. يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ، إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ، فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا. وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا. وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ، إِنَّ اللَّهَ كانَ لَطِيفًا خَبِيرًا
«١» .
نفذ محمد رسول الله صلى الله تعالى عليه أمر ربه بالتخيير ليخترن، وابتدأ بأحب نسائه إليه ابنة صديقه وصفيه أبى بكر الصديق رضى الله عنه، عائشة، فقال لها: إنى ذاكر أمرا، فلا عليك أن تعجلى حتى تستأمرى أبويك، وتلا عليها هذه الايات فقالت: أفى هذا أستأمر أبوىّ، فإنى أختار الله ورسوله والدار الاخرة، وكذلك قال سائر أزواجه ﵊، وبذلك اخترن عيشة النبى ﵊ الزاهدة، فكن جديرات بمحمد ﷺ خاتم النبيين، وسيد الزاهدين.
الصابر المصابر
١٥٦- إن نشأة محمد بن عبد الله ﵊ الأولى من شأنها أن تربى فيه خصلة الصبر، وحاله فى شبابه الباكر تربى فيه الصبر واستمساكه بالفضائل فى وسط الرذائل التى كانت تكثر فى قومه لا يقوى عليه إلا بالصبر وضبط النفس، واجتنابه للأهواء والشهوات التى كانت تسيطر في مكة، لا يقوى عليه إلا الصابر الذى يقمع دواعى الشهوات بين جنبيه، ويقذعها عن متابعة الأهواء ومنازع
(١) سورة الأحزاب: ٢٨- ٣٤.
1 / 217