71

Khatarat Nafs

خطرات نفس

Genre-genre

مولاي: خفف عن نفسك غلواء شخصيتك الموهومة، وكن كما أراد الله أن تكون عليه مما يلتئم مع شكلك، ومما يتفق مع ما راضك عليه آباؤك وأجدادك، واعلم أن من لبس ثوبا ضافيا فقد يتعثر، ومن لا يحذر مخاطر التعالي فقد يتدهور.

لعام 1926

الأحد في 3 من يناير سنة 1926

إيه يا عام، أقبل على الوجود كما أقبل عليه غيرك. فإنك قد تلقى في سماوات الصباح شموسا نيرة، وفي سماوات الليل نجوما متلألئة. وقد تجد كما وجد غيرك زهرة تتفتح عن أريج تنشره عطرا في الصبح إذا تنفس. وقد تجد كما وجد غيرك طائرا أنيقا يستقبل فجرك بالتغريد. وقد تجد عبدا من عباد الله ناسكا يحييك بدعوات وصلوات. وقد تجد نواة في جوف الأرض تتمخض عن حياة. وقد تجد حياة في داخل الأرحام تتحفز للوجود. وقد تجد فكرا في داخل النفوس يتوثب للظهور، وعواطف في حنايا القلوب تفيض حبا وحنينا. •••

ولكن ... ولكن قد تجد أيها العام مع مظاهر السعادة، والنور، والحياة، خليطا من مظاهر الشقوة، والظلمة، والعدم.

إن رأيت على الأرض زهورا، فقد ترى على الأرض قبورا. وإن رأيت شفتين انفرجتا عن الابتسام، فقد ترى شقين شدا من سقام وآلام. وإن تسمعت من بعض الأفئدة حنينا، فقد تسمع من أفئدة أخرى أنينا. وإن وجدت في ناحية من نواحي الأرض عدلا ورحمة، فقد تجد في بعض نواحي الأرض ظلما ونقمة، وإن وجدت بطونا تدفع فقد تجد أرضا تبلع. وإن وجدت في ناحية من الربوات عيون النرجس يبللها الندى، فكم تجد من عيون سليمة تبللها الدموع. •••

ولم أشأ يا عام أن ألقاك، كما يلقاك الشباب في المراقص والأفراح، بين قبلات طاهرة، أو قبلات فاجرة، ولم أشأ أن ألقاك يا عام في مجلس الصهباء بين قرع القوارير، أو رنين الطاس والكأس. ولم أشأ أن ألقاك يا عام حيث يفزع العبد لمولاه، وحيث يستغفره ويترضاه. وآثرت أن ألقاك في الأمس الأول في غرفتي وحدي، وبين حيطان أربع؛ لأتحدث إليك في انفراد، وأحاسبك في نفسي عن غير غل، أو عناد.

شعرات بيضاء أخذت تنبت في الرأس، وبعضها يتجه نحو الأرض، وبعضها يتوجه للسماء، رمزا إلى أنك أيتها الأيام تدنين الخلائق إلى أصولها في الأرض وفى السماء!! وأعصاب تراخت! وعضل قد تصلب! وعظام يبست! وفى سبيل الخير ضعف العصب والعضل والعظام.

لكنك أيتها الأيام وإن استطعت النيل من جسومنا، فقد صان لنا الله من عبثك العرض والكرامة، فارحلي عنا بما ترحلين، وأقدمي علينا بما به تقدمين، فلا حقد عليك لما تسلبين، ولا خوف ولا رجاء مما وفيما تحملين.

إيه يا عام، لقد تولد في مجراك نفوس بريئة غافلة عما تخفيه لها لياليك، جاهلة بما تحفظه لها أيامك، وإذا بك وأنت تعمل خلف بسماتك الماكرة لتخفي لتلك النفوس البريئة في مكامن السبل طوالع النحس، أو طوالع السعود.

Halaman tidak diketahui