فكانت مسافر وجوهه ومحاسر أذرعه وسوقه تصف لي ما اشتملت عليه مشاعره وتحي١ إلي بما خيطت عليه أقرابه٢ وشواكله وتريني أن تعريد٣ كل من الفريقين: البصريين والكوفيين عنه وتحاميهم طريق الإلمام به والخوض في أدنى أوشاله وخُلُجه فضلًا عن اقتحام غماره ولُجَجه إنما كان لامتناع جانبه، وانتشار شعاعه، وبادي تهاجر قوانينه وأوضاعه. وذلك أنا لم نر أحدًا من علماء البلدين٤ تعرض لعمل أصول النحو، على مذهب أصول الكلام والفقه. فأما كتاب أصول أبي بكر٥ فلم يلمم فيه بما نحن عليه، إلا حرفًا أو حرفين في أولهن وقد تعلق عليه به. وسنقول في معناه.
على أن أبا الحسن٦ قد كان صنف في شيء من المقاييس كتيبا، إذا أنت قرنته بكتابنا هذا علمت بذاك أنا نبنا عنه فيه٧، وكفيناه كلفة التعب به، وكافأناه على لطيف ما أولاناه من علومه المسوقة إلينا، المفيضة ماء البشر٨ والبشاشة٩ علينا، حتى
_________
١ مضارع وحى، وهو كأرحى. يقال: رحى إليه بكذا: أشار إليه به وأومأ. وهو كذلك "تحي" في أ، ب، ج، وفي ش، د، هـ: "تجيء".
٢- الأقراب جمع قرب كقفل وهي من الفرس خاصرته، والشواكل واحدها شاكلة وهي من الفرس الجلد بين عرض الخاصرة والثفنة، وهي الركبة.
٣ التعريد: الهرب والفرار.
٤ البلدان: البصرة والكوفة.
٥ هو ابن السراج محمد بن السري. كانت وفاته سنة ٣١٦هـ وهو المعني بأبي بكر حيث أطلق. وكتاب الأصول له يقول فيه صاحب كشف الظنون: "كتاب مرجوع إليه عند اضطراب النقل". وينقل عنه صاحب الخزانة كثيرًا.
٦ هو الأخفش سعيد بن مسعدة مات سنة ٢١٠هـ. وهو الأخفش الأوسط، وحيث أطلق أبو الحسن في هذا الكتاب فهو الأخفش هذا. ويزعم ابن الطيب في شرح الاقتراح أن هذه الكنية خاصة بالأصفر علي بن سليمان؛ وهو وهم.
٧ سقط في ألفظ "فيه".
٨ تبعت في هذا نسخة ج، وفي المطبوع وأ، ب "البر".
٩ في ج: "البشارة". والظاهر أن يقرأ بفتح الباء وهي الحال.
1 / 2