فاستجاب الله تعالى له فشفى صدره منهم وأغرقهم ودعوة نبيّنا ﷺ كانت رحمةً و(كانت) (١) أكثر نفعًا وأعظم أثرًا في الخير والبركة كما روى أنس ﵁ قال: أصاب أهلَ المدينة قحط على عهد رسول الله ﷺ فقام إليه الناس يوم جمعة وهو على المنبر يخطب فقالوا: يا رسول الله غلَتِ الأسعار واحتَبَست الأمطار فادع الله أن يسقينا فرفع رسول الله ﷺ يَده واستسقى قال: فمُطِرنا ولم نزل نُمطَرُ حتى كانت الجمعة المُقبلة فقام إليه الناس فقالوا: ادع الله يَحْبِسْها عنَّا فتبسَّم رسول الله ﷺ ورفع يده فقال: «اللهم حوالينا ولا علينا» قال: فتخرَّقَتْ (٢) فصارت المدينة كأنَّها إكْليل (٣) وما حولها ممطور (٤)، وعن ابن عمر ﵄ قال: ربَّما ذكرتُ قول الشاعر وأنا أنظر إلى وجه النّبي ﷺ يستسقى (فما ينزل حتى يجيش [ق ٦/و] كل مِيزاب (٥» (٦)
وأبيض يُسْتسقى الغَمام بوجهه ... ثِمَالَ (٧) اليتامى عصمةً للأرامل (٨)
_________
(١) "كانت" ليس في ب.
(٢) في هامش ب "أي انكشفت الغيم".
(٣) إكليل: الإكليل -بكسر الهمزة وسكون الكاف-: كل شيء دار من جوانبه، يُريد أن الغيم تقشَّع عنها واستدار بآفاقها. انظر: فتح الباري (٢/ ٥٠٦)، تفسير غريب ما في الصحيحين البخاري ومسلم ص ١٠٢، لمحمد بن أبي نصر فتوح الأزدي الحميدي، تحقيق: زبيدة محمد سعيد، الطبعة الأولى ١٤١٥، مكتبة السنة، القاهرة؛ النهاية (٤/ ٣٥٣).
(٤) أخرجه البخاري (٤/ ١٩٥)، كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، ح ٣٥٨٢، بلفظ: "أصاب أهل المدينة قحط على عهد رسول الله ﷺ، فبينا هو يخطب يوم الجمعة، إذ قام رجل فقال: يا رسول الله هلكت الكراع، هلكت الشاء، فادع الله يسقينا، «فمد يديه ودعا»، قال أنس: وإن السماء لمثل الزجاجة، فهاجت ريح أنشأت سحابًا، ثم اجتمع ثم أرسلت السماء عزاليها، فخرجنا نخوض الماء حتى أتينا منازلنا، فلم نزل نمطر إلى الجمعة الأخرى، فقام إليه ذلك الرجل أو غيره، فقال: يا رسول الله: تهدمت البيوت فادع الله يحبسه، فتبسم، ثم قال: «حوالينا ولا علينا» فنظرت إلى السحاب تصدع حول المدينة كأنه إكليل، وأخرجه مسلم (٢/ ٦١٤)، بنحوه في كتاب صلاة الاستسقاء، باب الدعاء في الاستسقاء، ح ٨٩٧.
(٥) مِيزاب بكسر الميم: وهو ما يسيل منه الماء من موضع عال. انظر: فتح الباري (٢/ ٤٩٧).
(٦) مابين القوسين ليس في ب.
(٧) ثِمَال بكسر المثلثة وتخفيف الميم: هو العماد والملجأ والمطعم والمغيث والمعين والكافي، قد أطلق على كل من ذلك. فتح الباري (٢/ ٤٩٦).
(٨) عصمة للأرامل: أي يمنعهم مما يضرهم، والأرامل جمع أرملة: وهي الفقيرة التي لا زوج لها.
فتح الباري (٢/ ٤٩٦).
1 / 335