Peta Pengetahuan
خريطة المعرفة: كيف فقد العالم أفكار العصر الكلاسيكي وكيف استعادها: تاريخ سبع مدن
Genre-genre
في محفوظات كاتدرائية طليطلة، توجد وثيقتان تشيران إلى شخص يدعى المعلم جيرارد. كلتا الوثيقتين موقعة من دومينجو جونديسالبو، وهو رجل دين محلي كان يعمل مع جيرارد في مكان ما في محيط الكاتدرائية. يأتي الدليل الوحيد على المكان الذي كانا يعملان فيه من باحث في القرن التالي، على ما يبدو أنه قام بترجمة «في كنيسة الثالوث المقدس»؛ وهو دير مجاور للكاتدرائية.
18
ومثل بيت الحكمة في بغداد، لا توجد أدلة باقية على مكان مادي خصص للمترجمين، ولكن المنطق السليم يشير إلى أنه لا بد لبرنامج ترجمة بهذا الحجم أن يكون قد اشتمل على موقع مركزي، مساحة دائمة يمكنهم الاحتفاظ فيها بكتبهم وأدوات النسخ الأخرى التي كانوا يستخدمونها من أقلام، وحبر، وسكاكين، وأصباغ، وورق أو رقوق، وصمغ، وطاولات للعمل عليها في سكينة وهدوء. توجد بلا شك أدلة على أنهم في بعض الأحيان اشتغلوا بالترجمة في ثنائيات. فنحن نعرف أن «غالب» المستعرب عاون جيرارد بلغته العربية، ووصف مترجم آخر، هو جون الإشبيلي والليمي،
4
عمله هكذا: «ترجم الكتاب ... من العربية، فكنت أنا أتكلم اللغة الدارجة كلمة كلمة، ويحول رئيس الشمامسة دومينيك [جونديسالبو] كل كلمة إلى اللاتينية.»
19
سواء جلسا بالفعل جنبا إلى جنب في الغرفة نفسها أم لم يفعلا، كان لدمينجو اهتمامات فكرية مختلفة، أو على الأقل كان يشتغل في مجالات بحثية مختلفة عن جيرارد. ركزت تراجمه على الفلسفة العربية، وبخاصة عمل ابن سينا، وتعاون مع الباحثين اليهود المحليين، مستخدما تعليقات وأفكارا عبرية. من الممكن أن يكون جيرارد ودمينجو قد قسما عن قصد مجالات المعرفة بينهما؛ لإحداث انسيابية في عملية الترجمة. فركز جون الإشبيلي بشكل أساسي على التنجيم؛ وهو موضوع لا يبدو أن جيرارد ترجم فيه على الإطلاق.
5
هل يشكل هذا التقسيم للعمل برنامجا منظما للترجمة؟ وإن كان كذلك، فمن كان المسئول عنه؟ لم يقدم جيرارد إهداءات لتراجمه أو يوقعها؛ لذا فإنه لا يترك لنا أي أدلة. غير أن هيرمان الكارينثي وروبرت الكيتوني يساعداننا بدرجة أكبر؛ إذ تزخر تمهيداتهما بالإهداءات والدلائل على دوافعهما. كان الراعي الرئيسي لهيرمان هو المعلم والفيلسوف العظيم تيري من شارتر، الذي كان قد درس معه قبل أن يسافر إلى إسبانيا. كان تيري مهتما بعلم الفلك والرياضيات؛ فاستخدم نظرية فيثاغورس لتفسير التثليث وجمع كتاب «مكتبة العلوم الإنسانية السبعة»، الذي ضم فيه أقساما من أطروحة «العناصر» من ترجمة هيرمان وزميله روبرت الكيتوني، والتي كانا قد أرسلاها إلى تيري من أجل كتاب «مكتبة العلوم الإنسانية السبعة». وأرسلا أعمالا أخرى أيضا، تشمل كتاب بطليموس «خريطة النجوم»، وهو استكشاف رياضي لكيفية تحديد مواقع النجوم على صفحة السماء.
كان تيري في طليعة الاكتشاف الأوروبي للعلوم اليونانية العربية، ويرجع الفضل في ذلك جزئيا إلى الكتب التي أرسلها له هيرمان من إسبانيا. كان هيرمان قد درس على يد تيري عندما كان شابا؛ إذ سافر إلى شارتر من مسقط رأسه إستريا ليقوم بذلك، وبقيا على اتصال. أمضى هيرمان وزميل دراسته روبرت الكيتوني، أعواما كثيرة في السفر بحثا عن النصوص، التي عكفا على ترجمتها ثم أرسلاها إلى فرنسا مصحوبة بخطابات مفعمة بالحماسة تثني على عجائب البحث العلمي العربي.
Halaman tidak diketahui