Peta Pengetahuan
خريطة المعرفة: كيف فقد العالم أفكار العصر الكلاسيكي وكيف استعادها: تاريخ سبع مدن
Genre-genre
9
بدا أن جيرارد وأقرانه يتعمدون السعي إلى فتح تلك الرزم الصغيرة من أجل توسيع وتعميق البحث العلمي ومن ثم إنعاش التعليم. لم تعد الموسوعات والنبذ كافية. كان عليهم العودة إلى الكتب الدراسية العظيمة من العصور القديمة وترجمتها كاملة. وكان ذلك يعني أيضا ترجمة أعمال الباحثين العرب التي شرحت تلك النصوص القديمة واستندت إليها، الذين التقينا بكثير منهم في رحلتنا؛ الزهراوي والرازي والكندي وبنو موسى والخوارزمي وغيرهم.
إحدى المعضلات التي كانت تواجه المترجمين أمثال جيرارد هي الاختيار بين التركيز على النسخ الكاملة للنصوص اليونانية القديمة، أو إعطاء الأولوية للنسخ العربية المصححة والمحسنة، والمؤلفة ببراعة من أفكار مصدرها فارس والهند ومصر. وكما هي الحال دوما، لعب الاختيار الشخصي دورا حيويا في نوعية الأعمال التي نقلت إلى الأجيال التالية، ونوعية الأعمال التي لم تنقل. واختار جيرارد مزيجا من الاثنين، واستند على نحو فضفاض في اختياره للنصوص إلى كتاب «إحصاء العلوم» للفيلسوف العظيم الفارابي (872-950)، الذي كان قد أمضى جل حياته في بغداد، حيث كان يعرف، من باب التحبب، بالمعلم الثاني (إذ كان أرسطو يعرف بالمعلم الأول).
أين يمكن أن يكون قد عثر جيرارد على كل هذه المخطوطات؟ لقد سلطنا الضوء بالفعل على مكتبة بني هود، ولكن ماذا عن مكتبات طليطلة الأخرى؟ من الصعب تقدير المقتنيات الخاصة، ولكن مما لا شك فيه أن مجتمع الباحثين الآخذ في الازدهار في المدينة أثناء القرن الأخير من الحكم العربي (985-1085) قد امتلك نسخا من أهم النصوص. يتحدث صاعد الأندلسي عن العالم أبي عثمان سعيد بن محمد بن البغونش، الذي كان من طليطلة، ولكنه درس في قرطبة قبل أن يعود إلى مسقط رأسه ليصبح أحد مديري بلاط حكام ذي النون:
وجدت منه رجلا عاقلا جميل الذكر والمذهب حسن السيرة نظيف الثياب ذا كتب جليلة في أنواع الفلسفة وضروب الحكمة، وتبينت منه أنه قرأ الهندسة وفهمها والمنطق وضبط كثيرا منه، ثم أعرض عن ذلك وتشاغل بكتب جالينوس وجمعها وتناولها بتصحيحه ومعاناته؛ فحصل بتلك العناية فهم كثير منها.
10
ها هو دليل نادر مباشر على وجود كتب جالينوس في مجموعة خاصة في طليطلة. وقد يكون من المنطقي الإشارة إلى أنه من المحتمل أن أطروحة «العناصر» وكتاب «المجسطي» كانا على أرفف مكتبة ابن البغونش، وأن بعضا من كتبه على الأقل، أو نسخا منها، ربما كانت لا تزال في المدينة في منتصف القرن الثاني عشر عندما كان جيرارد يبحث عن نصوص ليترجمها. من المؤكد أنه كانت لا تزال توجد مجموعات كتب عربية في القرن الثالث عشر؛ فقد زعم الباحث مارك الطليطلي (ازدهرت أعماله من 1193-1216) أنه «بحث بمثابرة عن كتاب آخر ليترجمه في مكتبات العرب».
11
كان مارك يجيد اللغة العربية بطلاقة، وكان محور اهتمامه جالينوس، وبعد أن درس الطب في الخارج، عاد إلى مسقط رأسه ليعثر على الأطروحات الجالينوسية، التي لم تكن معروفة بعد في الغرب، ويترجمها،
3
Halaman tidak diketahui