وبهذه الجزيرة عين يفور منها الماء وينزل في ثقب في الأرض فيطلع له رشاش فأي شيء وقع من ذلك الرشاش على وجه الأرض صار حجرًا، فإن كان ليلًا صار حجرًا أسود، أو بالنهار صار حجرًا أبيض، وبآخر هذه الجزيرة خسفة أخرى كالبيكارة، دورها نحو الميل تتقد نارًا وتعلو نارها نحو مائة ذراع بالليل، ولها بالنهار دخان.
وجزيرة برطابيل: وهي قرية من جزائر الزنج وبها أقوم وجوههم كالأترسة، وشعورهم كأذناب الخيل، وبها القرنفل الكثير وبها الكركند، وإن التجار إذا نزلوا بها وضعوا بضائعهم كومًا كومًا على الساحل ويعودون إلى المراكب فإذا أصبحوا جاؤوا إلى بضائعهم فيجدون إلى جانب كل بضاعة شيئًا من القرنفل، فإن رضيه صاحب البضاعة أخذه وانصرف وإن لم يرض ترك القرنفل والبضاعة وعاد في اليوم الثاني فيجده قد زيد فيه، فإن رضيه أخذه وإلا تركه وعاد من الغد أيضًا، ولا يزال كذلك حتى يرضى.
وذكر بعض التجار أنه صعد إلى هذه الجزيرة سرًا فرأى بها قومًا صفر الوجوه وهي كوجوه التراك وآذانهم مخرمة، ولهم شعور كشعور النساء. فلما رآهم غابوا عنه وعن بصره. ثم إن التجار بعد أن ترددوا إلى تلك الجزيرة بالبضائع مدة طويلة فلم يأتهم شيء من القرنفل فعلموا أن ذلك بسبب الرجل الذي نظر إليهم ورآهم ثم عادوا بعد سنين إلى ما كانوا عليه من المعارضة بالقرنفل. وخاصية هذا القرنفل أن الإنسان إذا أكله رطبًا لا يشيب ولا يهرم ولو بلغ مائة سنة.
ولباس هذه الأمة ورق شجر يقال له اللوف، وأكلهم من ثمره، ويأكلون السمك أيضًا والنارجيل. وبهذه الجزيرة جبال يسمع فيها طول الليل أصوات الطبول والصنوج والدفوف والمزامير