وطلب أن يشرب، فجيء له بكوب، وسأله المحقق عن اسمه، فأجاب: أيوب حسن طمارة. - عملك؟ - كاتب بالدفترخانة. - عمرك؟ - ثلاثون عاما. - رآك الجنود والمخبرون.
فصاح مقاطعا: أنا بريء، وحق كتاب الله بريء.
قال الرجل بحزم: أجب على أسئلتي دون ضوضاء. - لم أفعل شيئا، ولا أدري لماذا جيء بي إلى هنا. - أجمع الشهود على أنك أنت الذي ألقيت القنبلة أمام المحكمة المختلطة!
لم يفقه شيئا، إنهم مجانين أو مساطيل، وقال مكذبا أذنيه: لم أغادر الكرسي أمام دكان محسن الكواء، ولم ألمس المأمور. - إنك تهذي، وهذا سيعقد الأمور في وجهك. - ولم أفعل شيئا. - أنت الذي ألقيت القنبلة!
قنبلة! .. حضرتك تقول قنبلة؟! - عشرات من الجنود والمخبرين رأوك بأعينهم.
ضرب جبهته بكفه، وصاح: لا أفهم شيئا مما تقول. - كلامي واضح جدا، مثل فعلتك الشنعاء. - يا حضرة البك، أنا لم يقبض علي بتهمة إلقاء قنبلة، لقد قبض المخبر علي بلا سبب، ثم ألصق بي ظلما وعدوانا تهمة الاعتداء على حضرة المأمور. - اعترف، فالاعتراف في صالحك، وإذا اعترفت بمن دفعك إلى الجريمة، فلن تندم.
فهتف أيوب بصوت محشرج: يا ناس حرام عليكم، أنا رجل مسكين لم أعتد في حياتي على أحد، اسألوا عم محسن الكواء. - اعترف ولن تندم.
وقال رجل يجلس إلى يمين المحقق: نحن نعرف الذين وراءك، سنذكر لك أسماءهم ونطلعك على صورهم لتتأكد من صدق كلامنا، وأنت مسكين حقا، ولا شك أنهم غرروا بك، لم تكن في أيديهم سوى لعبة لعبوا بها بسفالة، وسوف يخفف ذلك من ذنبك، سيجعله لا شيء، ولكن يجب أن تعترف. - أعترف! .. ولكنني لم أضرب المأمور. - من أين أتيت بالقنبلة؟ - يا رب السموات والأرض ... - إذن، فأنت لا تريد أن تعترف! - أعترف بماذا؟ .. ألا تخافون الله؟ - احذر العناد العقيم.
نظر إلى الوجوه المحدقة فيه، فرآها سورا صلدا يسد أبواب الرحمة والأمل، وخطر له خاطر يأس في أعماق محنته، فقال: أتريدون حقا أن أعترف؟
فعكست أعينهم اهتماما كاد أن يكون ودا، وقال المحقق: تكلم يا أيوب.
Halaman tidak diketahui