وقبل أن ينقضي اليوم كانت تزور إلهام. - أريد عبير لأسامة. - ماذا؟ - وما العجب؟ - لا عجب، ولكن ما أسمعه عن أسامة ... - لا يهمني ما تسمعينه. - يا سهام أخاف أن نسيء إلى هذه البنت أكثر مما أسأنا. - أنسيء إليها إذا طلبناها لابننا؟ - إذا كان ابننا لا يريدها؟ - أنت تعرفين أنني في بيتي أنا وحدي التي أريد. - أتستطيعين أن تقولي له أحب عبير؟ - أستطيع أن أقول له تزوج عبير. - أهكذا ينشأ بيت سعيد؟ - وهل أحببت أنا حمدي؟ - وهل أنت سعيدة؟ - ما رأيك أنت؟ - ليس من الحتم أن يتزوج ابنك من غير حب ما دمت أنت لم تتزوجي عن حب. - أنا أبحث عن مصلحته. - أنا ليس عندي أولاد، ولكن أخاف من تدخل الأمهات. - حتى ولو كان لمصلحة الأولاد؟ - كلمة المصلحة هي الحجة التي تشهرها الأم دائما، وهي دائما غير مقنعة للأولاد. - أنا أعرف مصلحته. - أنا لست أم عبير، ولكني أرعاها كأم وأرى نفسي مسئولة عنها، ولعله من العدل أن أبحث أنا أيضا عن مصلحتها. - وهل تجدين لها خيرا من أسامة؟ - لو كان هو الذي يريدها. - سأجعله يتقدم إليك. - سترغمينه؟ - سيطلبها منك.
ولم تنم سهام، بل انتظرت أسامة حتى وصل إلى البيت بعد منتصف الليل. - أسامة أين كنت؟ - في النادي. - أنت الآن في السنة الأخيرة، ألا ترى أنك لا تذاكر بالقدر الكافي؟ - ماما ما لزوم هذا الكلام؟ أنا أنجح دائما. - أراك تشغل نفسك بأشياء كثيرة. - ولكنني لا أهمل المذاكرة. - أنا خطبت لك. - ماذا؟ - عبير بنت عمك الدكتور ... - أعرفها طبعا، لا تحتاج إلى تعريف. - ما رأيك؟ - ماما كيف تخطبين لي؟ - أليس هذا من حقي؟ - وأنا أليس لي حقوق؟ - أنا أبحث عن مصلحتك. - وأنا أليس من حقي أن أبحث عن مصلحتي؟ - أتعرفها أكثر مني. - قد أخطئ وقد أصيب، أحب أن أتحمل نتيجة الخطأ وأفرح بالصواب على شرط أن أكون أنا الفاعل. - وإذا جنبتك طريق الخطأ، أليس هذا خيرا لك؟ - أمن الخير لي أن أصبح شيئا تريدين له أنت كل شيء، حتى القميص تختارينه أنت؟ - وكل الناس تتكلم عن أناقتك. - ليست أناقتي، إنها أناقتك أنت على جسمي أنا. - وأنت الذي تتمتع بمديح الناس. - أنا لا أتمتع؛ لأني لم أصنع ما يستحق المديح، أنا لم أقم باختيار شيء حتى أحس بحلاوة المديح. - المهم الآن، ماذا قلت ؟ - فيم؟ - في عبير. - ماذا تقولين أنت إذا رفضت؟ - رفضت! أهذا معقول؟! - ما دمت تسألين الرأي، فلا بد أن تتوقعي الرفض أو القبول. - أنا لا أتوقع الرفض منك مطلقا. - بل أنت لا تتوقعين الرفض من أحد على الإطلاق. - وخاصة منك. - فإذا رفضت؟ - تصدمني صدمة عمر. - أي رفض بالنسبة إليك صدمة عمر؟ - لا داعي لتحليلي الآن. - تفرضين علي نفسك، وترفضين أن أفكر. - فكر كما شئت. - منذ متى؟ إنك أنت دائما التي تفكرين لي. - لأني أحبك. - أخشى أن أقول لأنك تحبين نفسك. - هل هذا الذي أفعله الآن من أجلك أم من أجل نفسي؟ - من أجل نفسك، وإن حاولت أن تقتنعي أنه من أجلي. - أسامة لا تكثر من اللف وقل كلمتك. - وهل لي من كلمة؟ - إذن فأنت موافق. - بل رافض، وبكل شدة. - غير معقول. - إنما هذا هو المعقول الوحيد. - أتكره عبير؟ - لو كنت أعبدها حبا لرفضت هذه الطريقة التي تريدين أن تزوجيني بها. - مجرد كبرياء. - لا بد أن أختار أنا زوجتي على الأقل، إنها ليست قميصا أو حذاء. - وهل اختياري ضرر بك؟ - بل قتل لي. - إذن. - هو ما سمعت. - لقد استعملت حقك. - ما دام حقي، فلي أن أستعمله. - إذن فلأستعمل حقي. - أنت حرة. - أنا صاحبة كل مليم يصرف في هذا البيت. - ماذا؟ - هو ما سمعت. - أعرف أني سمعته. - وهل كان عندك شك أنك ستسمعه؟ - دهشتي أنه جاء متأخرا. - استعملته حين احتجت إليه. - وترين هذا عدلا؟ - أنا أرى ... - لست في حاجة أن تجيبني هذا السؤال. - أتعرف إجابته؟ - إنها غير ما تفكرين فيه على أية حال. - لا يهم، يهمني الآن أن أعرف رأيك. - وهل لي رأي؟ - لك أن تختار. - إنما يختار من يملك الاختيار. - إذن فأنت موافق؟ - بشرط أن تقبل عبير. - إذا كلمتها ستقبل. - وتريدين أن أكلمها أيضا. - أسامة اسمعني جيدا، فإني أريد أن أكون واضحة. - أنت فعلا واضحة. - ليس بالقدر الكافي، لن أنفق عليك وأبقي عليك السيارة المسجلة باسمي إلا إذا تزوجت عبير، لا يكفيني أن توافق أمامي، ثم تذهب إلى خالتك من ورائي وتشكو لها ظلمي، ولا يكفيني أن توافق أمامي وتهمل عبير حتى يكون الرفض من جانبها، موافقتك هذه لا تساوي عندي شيئا، إنفاقي عليك وبقاء السيارة مقابل زواجك، ولا أرضى شيئا أقل من الزواج، ولا حتى الخطبة، الطريق الذي ستسلكه إلى هذا الزواج شأنك أنت لا شأني أنا؟ - إنذار أشبه بإنذارات الدول الكبرى للدول المحتلة. - ولا يهمني تعليقك أيضا. - أمرك، والمهلة؟ - أسبوع. - أهو يكفي؟ - أكثر من الكفاية.
ذهب إلى خالته. - طبعا ماما خطبت عبير منك. - المهم رأيك؟ - يهمني جدا أن أتزوجها. - هل أنت راغب فيها حقا؟ - مستقبلي كله متوقف على قبولها. - ألا تسألها. - ليس قبل أن تمهدي لي عندها.
وحين سألت إلهام عبير. - أبي أخبرني. - وأنت ما رأيك؟ - أسامة لا يرفض، ولكن أهو يرغب في هذا الزواج فعلا أم هي رغبة تنت سهام؟ - لقد كلمني وهو يبدو ملهوفا عليك. - ولماذا لم يكلمني؟ أنا معه كل يوم في النادي. - طلب أن أمهد لك عنده. ••• - عبير لقد عرفت؟ - تخطبني على طريقة الحريم؟! - خفت أن ترفضي. - وما البأس أن أرفض؟ إنما كان يجب أن تواجهني أنت. - ها أنا ذا أواجهك. - هل أنت متأكد من شعورك؟ - وإلا فلماذا أكلمك؟ - لعلك تريد أن ترضي تنت سهام؟ - ألا تعرفين كم أنت جميلة؟ - مسألة الجمال لا دخل لها في الموضوع. - ونحن أشبه بأقارب. - كل هذا لا يهم. - فما الذي يهم؟ - إن كنت لا تعرفه، فليس المفروض أن أقوله أنا لك. - من الطبيعي أن أحبك. - بالقدر الذي يكفيك أن تتزوجني؟ - ربما أكثر. - هل تشك؟ - ليست هناك مقاييس ثابتة. - هل أنت واثق من شعورك؟ - هذا لا شك فيه. - أفكر. - يخيل إلي أنك فكرت فعلا. - أنا لا أرى فيك عيبا. - فلماذا التفكير؟ - كلمة لا بد أن تقال.
حين ركبت معه ماجدة اضطر أن يقول. - أنا واقع تحت ظروف لا قبل لي بها. - ماما لا يخفى عنها شيء. - أتقدر ظروفي؟ - الحقيقية هي غاضبة. - أين هي الآن؟ - في النادي. - ومتى ستذهب إلى البيت؟ - لماذا؟ - أريد أن أراها في البيت.
وذهبا إلى البيت، وطلبت ماجدة من أمها أن تعود إلى المنزل. - أنت عرفت؟ - هل أنت طفل؟ - أنا طفل حتى أتخرج من الجامعة. - فهي إذن قد أرغمتك. - وقبل أن أتخرج في السنة الأخيرة، وليس لي مكان أذهب إليه، ولا بد أن يتم الزواج في أسبوع. - وماذا أنت فاعل؟ - سيتم الزواج. - وفيم تريدني؟ - أرجوك ألا تغضبي. - وماذا يهمك من غضبي؟ - الكثير. - على كل إنسان أن يبحث عن مصلحته. - أنا أعرف مصلحتي. - اصنعها. - أن أتزوج عبير. - مبروك عليك. - ولكني أحب ماجدة. - وماذا تريدني أن أفعل؟ - لا شيء إلا أن تعذريني. - اسمع؛ مثلك لا يهمه أن أعذره أو لا أعذره. - لو كنت كذلك ما أصررت أن أكلمك. - يا بني، ربنا يعمل ما فيه الخير. - اسمحي لي أن أقبل يدك. - العفو. - أرجوك. •••
قال له الدكتور دري: أسامة أنا أعرف والدتك حين تريد شيئا لا يقف أمامها شيء، إن كنت يا بني تتزوج ابنتي تنفيذا لأوامر سهام فقط، فأخبرني ولا شأن لك، إني أستطيع أن أؤثر عليها. - مطلقا يا عمي. - وماجدة؟ - صداقة تنس ونادي. - الأمر كان يبدو أكبر من هذا؟ - وهل مثلك يهتم بالمظاهر؟ - أنت واثق مما تقول؟ - كل الثقة.
وتم الزواج، وفي أسبوع.
9
كان الحب الذي هبط فجأة على فريدة لخالتها إلهام يثير العجب الداهش في نفس سهام، ولكنها في نفس الوقت لا تجد أي مبرر لمنعه، وحين تزوج أسامة من عبير طلبت إلهام أن تجعل العروسين يقيمان عندها في البيت الكبير الذي سيملؤه الفراغ إذا خرجت منه عبير.
Halaman tidak diketahui