Keynes Pengenalan Ringkas Sangat
جون مينارد كينز: مقدمة قصيرة جدا
Genre-genre
كان حماس كينز «الهائل والغريب للتاريخ والإنسانية» هو ما قربه من فيرجينيا وولف؛ حيث كان «عقله يعمل باستمرار»، ويفيض «بأفكار غزيرة في موضوعات لا يطرقها إلا القليلون.» فقد كان شغوفا بالعالم، ولم يدرس أي موضوع إلا وكون عنه نظرية ما، مهما كانت خيالية. وهناك جملة مشهورة له تقول: «لم تكن إنجلترا مستعدة لاستقبال شكسبير إن ولد قبل مولده بخمسين عاما.» وكانت عادته الجذابة هذه بالتطرق إلى ميادين تخشى العقول الأبطأ من عقله دخولها، واعتماده على اختلاق الأفكار بسرعة للخروج من المآزق الصعبة؛ هما السبب في أغلب الأحيان في هجوم الخبراء عليه واشتهاره بأنه هاو حتى في علم الاقتصاد. لكن هذا لم يقتصر على محادثات ما بعد العشاء. كان كينز مهووسا باهتمامات فكرية تبدو بعيدة عن مجال عمله؛ فقد حاول في بداية حياته أن يضع صيغة للتنبؤ بعمى الألوان بناء على قوانين مندل الوراثية؛ وفي عشرينيات القرن العشرين استحوذ عليه على نحو متكرر مقال كتبه بعنوان «الجنون البابلي» عن نشأة النقود؛ حيث كتب إلى ليديا لوبوكوفا في 18 يناير 1924 قائلا: «إنه مقال سخيف تماما وعديم الفائدة إلى حد كبير، لكنه استحوذ علي مرة أخرى لدرجة الهوس ... والنتيجة أنني أشعر بالجنون والبلاهة. مع تحيات، مجنون يغمره الجموح، مينارد.»
لكن كفاءة كينز لم تعفه من الإرهاق المستمر؛ فقد كان مجهدا على الدوام. وفي شبابه ذهب ذات مرة ليقضي عطلة نهاية أسبوع هادئة مع برتراند راسل، وحدث أن وصل ستة وعشرون ضيفا بشكل مفاجئ، معظمهم - حسبما ألمح راسل - جاء تلبية لدعوة كينز. ولاحقا أصبحت الحقائب الممتلئة بالأوراق رفيقة دائمة له في عطلاته بالخارج. ولقد قضى سنوات فيما أسماه هو نفسه ب «العذاب على الطريقة الصينية» في لجان المدرسة والجامعة، التي كان من السهل عليه تفاديها؛ فقد كان دائم التساؤل: «هل هذا ضروري؟» «لم كل هذا الضجيج؟» «لماذا أفعل هذا؟» فهل كان لكينز أي هوية وهو وحده؟ لم يبد أنه يعيش في سلام مع نفسه؛ فقد كان يظن أنه قبيح، وكان يكره صوته. وشكا أصدقاؤه في مجموعة بلومزبيري من انعدام حساسيته الفنية، وسخروا من ذوقه في الصور والأثاث. فكانت «الأقنعة» التي يرتديها مادية قبل أن تكون عقلية. وتوارت العيون اللاهية والفم الجذاب خلف القشور التقليدية لأي رجل «ذي شأن»؛ الشارب العسكري والبذلات السوداء والقبعات التي كان يرتديها حتى في نزهاته؛ فقد حاول إثبات هويته من خلال تفوقه في العالم الخارجي.
أما سلوكه نحو الآخرين، فقد كان خليطا من الطيبة وعدم التسامح؛ فقد كان لديه في قلبه متسع كبير لحب الآخرين، وعلى عكس زملائه من أعضاء مجموعة بلومزبيري، كان وفيا لأصدقائه على نحو استثنائي. كما كان يقدر الألغاز والغرائب والهوس بكل ما يخص العقل؛ لأنه كان غالبا ما يراها مصدرا غنيا للاحتمالات المشوقة. وكان يقدر كلمة
genius ، والتي تعني «عبقري»، لكنه استخدمها بمعناها الأصلي وهو «الروح الطليقة». ومثل العديد من المفكرين، كان يحترم الخبرة العملية مهما كانت متواضعة. ولم يكن صبورا، لكنه كان قادرا على تحمل قدر كبير من المشكلات في علاقاته بأصدقائه ومن كان يرى أنهم يستحقون ذلك.
في الوقت نفسه كان من الممكن أن يتصرف أحيانا بطريقة غير مهذبة مطلقا، خاصة مع أولئك الذين كان يرى أنهم ينبغي أن يعرفوه على نحو أفضل. وكان مصابا بلعنة أكسبريدج؛ حيث كان مؤمنا بأن كل البراعة التي في العالم تكمن في جامعتي أكسفورد وكامبريدج وفي كل ما ينتج عنهما. وبالتوازي مع ذلك، كانت نظرة كينز للعالم تعتبر إنجلترا في مركزه، وهي نظرة كانت أكثر شيوعا وقتها من الآن. وكان عادة ما يفلت بسلوكه غير المهذب بسبب حضور بديهته وإتقانه لأسلوب تسفيه الرأي الآخر. لكنه كان قادرا على إيلام الآخرين. وعن هذا، كتب الاقتصادي الأمريكي والتر ستيوارت يقول:
في محادثاته، كان كينز بارعا في أغلب الأحيان، لكنه أحيانا يكون قاسيا أيضا. فلم يكن بإمكانه مقاومة إغراء تحقيق نقاط على حساب الآخرين، وحينها كان ينظر فيمن حوله من المستمعين ليرى هل كانوا قد لاحظوا تفوقه أم لا. وكان أحيانا يستخدم سيف ذكائه ضد من لا يمكنهم الدفاع عن أنفسهم بسهولة، وحتى ضد الغائبين عن المجلس.
لم يكن هذا الأسلوب ليروق لأحد. فلم يعجب قط الأمريكيين. فعلى سبيل المثال، بدا «خطابه المفتوح» لروزفلت عام 1933 - كما يقول هيربرت شتاين - «مثل خطاب معلم لولي أمر فاحش الثراء لتلميذ بليد جدا.» وفي مدينة سافانا، في مارس 1946، في الاجتماع الافتتاحي لصندوق النقد الدولي، ألقى كينز خطابا تمنى فيه ألا تكون هناك أي «جنية شريرة» إلا وقد دعيت إلى ذلك الاجتماع. كان ذلك إشارة لباليه تشايكوفسكي «الجمال النائم»، لكن فريدريك فينسون وزير الخزانة الأمريكي أخذ العبارة على محمل شخصي، وصاح قائلا: «لا أمانع أن أوصف بالشرير، لكني لا أرضى بأن أدعى جنية.»
أما كيرت سينجر، فيقدم صورة أفضل لسلوك كينز؛ حيث يقول عنه: «لقد جسد بالإشارة وبالنظرة وبالكلمة ... صورة طائر ذي سرعة غير معقولة، يرسم دوائر على ارتفاعات شاهقة، لكن بدرجة عالية في الدقة، ثم ينقض فجأة على حقيقة أو فكرة معينة، وهو قادر على نحت كلمات لا تنسى لتعبر عما رآه، فيفرض غنيمته الفكرية بقبضة حديدية حتى على من يرفضونها.»
لم يكن من الواضح، من خلال خلفية كينز ولا من قدراته، أنه سيتخذ من علم الاقتصاد مجالا للعمل؛ فقد كان والده اقتصاديا واختصاصيا في علم المنطق، لكن ما آلت إليه حياته العملية لم يكن شيئا مبشرا بالنسبة لكينز؛ فقد آلت به الحال للعمل في أعمال إدارية في الجامعة. أما كينز فكان عقله شديد الاتساع وروحه عالية الهمة بشكل لا يمكنه من القيام بعمل أكاديمي شديد التخصص. ففي أثناء كتابته لعمله «بحث في الاحتمال» استهلك كل اهتمامه الجدي بالمنطق؛ فقد كان المنطق أفقا ضيقا بالنسبة لعقله. فيجب أن يكون الإنسان قادرا على استخدام عقله بشكل جمالي وعملي. كان كينز مولعا منذ وقت مبكر بالجانب النفسي للتعاملات المالية والمراهنات في سوق الأوراق المالية، وكان من الممكن أن تجعله مواهبه الإدارية موظفا عاما رفيعا، وكان أيضا كاتبا رائعا. وفي نهاية المطاف كان قادرا على أن يجعل من علم الاقتصاد وسيلة لإشباع هوسه وصقل مواهبه، لكن حالة عدم اليقين في عالم صدمته الحرب هي ما جعل علم الاقتصاد مجال عمله.
لكن ما الذي يميز كينز كاقتصادي؟ إن أهم ما يميزه هو مزيج المواهب الذي قدمه لهذا المجال. ومن المستحيل أن تعتقد أنه لم يكن يقصد نفسه حينما كتب في مقاله عن ألفريد مارشال:
Halaman tidak diketahui