وبهذه الطريقة عينها أيضا إن الأرض تأتي من الماء وإن النار تأتي من الأرض؛ لأن هذين العنصرين أيضا لهما أحدهما قبل الآخر نقطة جمع ووصل؛ فإن الماء سائل وبارد والأرض هي باردة ويابسة بحيث إنه إذا كان السائل هو المغلوب تتكون الأرض. ومن جهة أخرى بما أن النار يابسة وحارة والأرض يابسة وباردة؛ فإذا فسد البارد فمن الأرض تتكون النار، فيرى حينئذ أن كون الأجسام البسيطة يحصل بالدور وطريقة التغير هذه أسهل الطرق؛ لأن العناصر التي تتعاقب لها دائما بينها فقط جمع ووصل.
4
والماء يمكن أيضا أن يأتي من النار والأرض من الهواء وبالعكس يمكن أن يأتي أيضا الهواء والنار من الماء ومن الأرض. ولكن هذا التحول هو أصعب؛ لأن موضوع التغير أشياء أكثر عددا. وفي الواقع لأجل أن تأتي النار من الماء يلزم أن يفسد أولا البارد والسائل، وكذلك لأجل أن يأتي الهواء من الأرض يلزم أن البارد واليابس يفسدان. وهذا اللزوم واجب أيضا لأجل أن الماء والأرض يأتيان من النار ومن الهواء؛ لأنه يلزم حينئذ أن يكابد الكيفان التغير.
5
وأيضا الكون الذي يحصل بهذه الطريقة هو أبطأ. ولكن إذا فسد أحد كيفي كل واحد من الاثنين فيكون التحول أسهل، غير أن هذا التحول لا يحصل بعد حينئذ من الواحد إلى الآخر على طريق التكافؤ. غير أنه من النار ومن الماء تأتي الأرض والهواء ، ومن الهواء ومن الأرض تأتي النار والماء. وفي الواقع إذا فسد بارد الماء ويابس النار يتكون الهواء؛ لأنه لا يبقى بعد إلا حار أحدهما وسائل الآخر، ولكن إذا فسد حار النار وسائل الماء تتكون الأرض؛ لأنه لا يبقى حينئذ إلا يابس أحدهما وبارد الآخر.
6
وكما هو الأمر في الهواء والأرض يكون في تكون النار والماء؛ لأنه إذا فسد حار الهواء مع يابس الأرض، يتكون الماء ما دام أنه سيبقى سائل أحدهما وبارد الآخر، ولكن حينما يكون المنعدم هو سائل الماء وبارد الأرض تتكون النار؛ لأنه يبقى حار أحدهما ويابس الآخر، وهما الكيفان الخاصان بالنار.
7
وهذا الإيضاح لكون النار يتفق جدا مع الحوادث التي يشهد بها الحس؛ لأنه إنما هو اللهب الذي هو على الأخص نار، واللهب ليس إلا الدخان المحترق والدخان يتركب من هواء وأرض.
8
Halaman tidak diketahui