231

Kasr Hudud

كسر الحدود

Genre-genre

لقد استطعت اختراق الحاجز البوليسي بين الجمهور العادي وبين توني بلير وأسرته، كان المفروض أن تكون زوجته هي التي تليه مباشرة في تقبيل سانت كاترينا، إلا أنني اخترقت السياج البوليسي، وأصبحت خلف توني بلير مباشرة، وتقدمت من بعده إلى سانت كاترينا وانحنيت عليها متظاهرة أنني أقبلها، بعد أن مسح القسيس المصري رأسها بقطعة من القطن المبللة بالكحول الأبيض المطهر للجراثيم، مع ذلك لم أقبلها، وأنا ضد تقبيل الحجر الأسود والأوثان جميعا بما فيها الحجر الأبيض والأحمر والأزرق والأسود وغيرها، لقد تخرج أبي من جامعة الأزهر، وقال لي منذ الطفولة إن الإسلام جاء ليحرر الناس من عبادة الأحجار والأوثان.

القسيس المصري لم يفطن إلى أنني لم أقبل رأس سانت كاترينا، تصورني زوجة توني بلير لأنني أقف خلفه مباشرة، أو ربما واحدة من أفراد أسرته الذين بلغ عددهم حوالي عشرين رجلا وامرأة وطفلا بما فيهم طفل توني بلير الذي حملته إحدى القريبات.

دس القسيس في يدي قطعة القطن المبللة بالمطهر، والتي طوى داخلها خاتما مقدسا من الفضة الخالصة، هدية تمنحها سانت كاترينا بعد تقبيل رأسها للعظماء فقط من عائلة توني بلير.

فطن إلي البوليس المصري، وأدرك أنني لست من عائلة توني بلير، وأنني ربما أكون إرهابية اندست بين الأسرة البريطانية المالكة أو الحاكمة لتطعن توني بلير من الخلف.

وحدثت مشادة بالصوت العالي بيني وبين البوليس المصري، قلت بجرأة الكاتبة المصرية القديمة التي اكتشفت الحروف الأبجدية قبل أن تكتشفها أوروبا: كيف تمنعوني من السير فوق أرض مصرية وتسمحون لهذه العائلة الإنجليزية التي استعمرت مصر 72 عاما، والتي تشن الحرب على أفغانستان والعراق و... اندهش البوليس المصري من صوتي العالي، تصوروا أنني مندوبة رئاسة الجمهورية إلى سانت كاترينا، وتركوني أتجول كما أشاء في المعبد، وهكذا تأملت وجه توني بلير طويلا وهو يمشي بخطوات بطيئة من خلفه قبيلته، وزوجته التي كانت ترمقني بعيني الصقر، مندهشة من وجودي بالقرب من زوجها، رغم أنها لم تر وجهي من قبل أبدا ضمن أسرته .

ولم ينفرني وجه توني بلير كثيرا كما ينفرني وجه جورج بوش الابن أو الأب، يبدو وجه توني بلير في الحقيقة أفضل إنسانية من وجهه في الصحف والشاشة، يبدو مثل شاب رياضي فقير داخل بلوفر رمادي باهت وحذاء كاوتش أبيض، وابتسامة منكسرة، ربما لأنه كان في حضرة سانت كاترينا المقدسة، ولا بد من الانحناء أمامها متظاهرا بالطهر والبراءة.

أما جورج بوش (الأب أو الابن)، فقد رأيت وجهه على الشاشة فقط، يشبه الابن أباه في الملامح بحيث أصبحت لا أفرق بينهما، والصوت أيضا وطريقة الضغط على مخارج الألفاظ لتأكيد ما يقوله عن الشيطان أو محور الشر والآيات التي يتلوها من الكتاب المقدس ليعلن الحرب في الخليج، أو في أفغانستان.

رأيت وجه جورج بوش الابن قبل أن يعتلي الحكم، حين كان يصارع للنجاح في انتخابات شبه مزورة، كنت في مدينة «بوكا راتون» في فلوريدا، في الولاية ذاتها التي كشفت عن مهزلة الانتخابات الأمريكية، كان وجهه منكسرا يكاد يشبه وجه توني بلير وهو يقبل رأس سانت كاترينا، إلا أنه بعد أن اعتلى العرش تغير وجهه، أصبح يشبه أباه. كيف تغير السلطة الوجوه بهذه السرعة؟ كيف تظهر التجاعيد فوق الوجه الذي كان شابا، وكان ناعما أملس مستديرا يشبه وجه الأطفال، الذين يرضعون اللبن الصناعي المزود بالفيتامينات الأمريكية.

أصبح وجه الابن بوش نسخة طبق الأصل من الأب، تلعب السياسة والوراثة دورها في رسم ملامح الوجه، ونبرة الصوت، وبربشة العينين الضيقتين مع انقباضة الفم الخالي من الشفتين.

هذا الفم الرفيع والشفتان شبه المتلاشيتين تشبهان الشفرتين في موسى الحلاقة، هذا الفم يصلح تماما لإعلان الحرب على الأبرياء، أو النطق بحكم الإعدام على النساء البريئات تحت اسم الشرف أو القيم العائلية.

Halaman tidak diketahui