ومنها: أن يقول: كنا نفعل، أو كانوا يفعلون. كقول عائشة: كانوا لا يقطعون السارق على التافه. فيحمل على أن المراد: كنا نفعل، أو كانوا يفعلون في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مع علمه بذلك من غير إنكار، فيكون حجة. ويكون من باب قوله: من السنة.
وقيل: إنما كان حجة، لأنه ظاهر في قول كل الأمة. فيكون من باب الإجماع.فعلى الأول: لا يكون حجة إلا من الصحابي. لأنه يتوقف على تقييده بعهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم .
وعلى الثاني: يكون حجة ولو من تابعي.
وأقول: لا يبعد أن يقبل منهما، ويكون حجة. فالصحابي لأنه من باب قوله: من السنة.والتابعي لأنه من باب الإجماع. وهذا واضح. والله أعلم .
ومنها: إذا قال الصحابي قولا، أو فعل فعلا، ولا يضيفهما إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم. فإن كان مجتهدا، وللاجتهاد فيه مسرح، حمل على الاجتهاد، كأن يقول: يحد الغائط مائة جلدة. أو يقول: نصاب الخضراوات ما قيمته مائتا درهم.أو يقول: من لم يجد ماء ولا ترابا، فليتيمم بما صعد على الأرض. فهذا يحتمل الاجتهاد، وأنه سمعه منه.فلا يكون حجة.
وإن لم يكن للإجتهاد فيه مسرح، أو كان. ولكن الراوي ليس من المجتهدين، فإنه يحمل على التوقيف. أي: أنه سمعه منه صلى الله عليه وآله وسلم. لا أنه قاله تبكيتا. تحسينا للظن بالصحابي.
مثال الأول: ما روي عن علي عليه السلام: أن الحيض ينقطع عن الحبلى. لأنه جعل رزقا للجنين .
ومثال الثاني: ما روي أن أنسا قال: الحيض ستة أيام، أو سبعة. لأن أنسا لم يكن مجتهدا.
فهذه جملة طرق الرواية من الصحابة، وقد استوفيناها لكثرة الفوائد التي فيها.
Halaman 38