بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ﴾ إلى قوله: ﴿وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرا﴾ (١)، وقد قال غير واحد من السلف (٢): الجبت السحر، والطاغوت الأوثان، وبعضهم قال: الشيطان، وكلاهما حق.
وهؤلاء يجمعون بين الجبت الذي هو السحر، والشرك الذي هو عبادة الطاغوت، كما يجمعون بين السحر ودعوة الكواكب، وهذا مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام –بل هو (٣) دين جميع الرسل-أنه شرك محرم، بل
هو من أعظم أنواع الشرك الذي بعثت الرسل بالنهي عنه، ومخاطبة إبراهيم الخليل لقومه كانت في نحو هذا الشرك، كما (٤) قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِين﴾ إلى قوله: ﴿إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيم﴾ (٥) .
فإن إبراهيم ﵇ سلك السبيل؛ لأن قومه كانوا يتخذون الكواكب أربابًا يدعونها ويسألونها، ولم يكونوا هو ولا أحد من العقلاء يعتقدون أن كوكبًا من الكواكب خلق السموات والأرض، وإنما كانوا يدعونها من دون الله على مذهب هؤلاء المشركين؛ ولهذا قال الخليل ﵇: ﴿أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ. أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ. فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ﴾ (٦)، وقال: