فصل (١)
ثم ذكر –﵀ – (٢) تتبع آثار الأنبياء، وما ذهب إليه أمير المؤمنين عمر ﵁ من النهي عن ذلك، وذكر أنه قطع الشجرة التي بويع تحتها النبي ﷺ. وذكر عن محمد بن وضاح قال: كان مالك وغيره من علماء المدينة يكرهون إتيان تلك المساجد، وتلك الآثار التي بالمدنية، ما عدا قباء وأحدًا، ولأن ذلك يشبه الصلاة عند المقابر، إذ هو ذريعة إلى اتخاذها أعيادًا، وإلى التشبه بأهل الكتاب.
وما فعله ابن عمر لم يوافقه عليه أحد من الصحابة، فلم ينقل عن الخلفاء الراشدين، ولا غيرهم من المهاجرين والأنصار، أنه كان يتحرى قصد الأمكنة التي نزلها النبي ﷺ.
والصواب مع جمهور الصحابة؛ لأن متابعة النبي ﷺ تكون بطاعة أمره، وتكون في فعله بأن يفعل مثل ما فعل على الوجه الذي فعله، فإذا قصد العبادة في مكان كان قصد العبادة فيه متابعة له، كقصد المشاعر والمساجد، وأما إذا نزل في مكان (٣) بحكم الاتفاق، لكونه صادف وقت النزول أو غير ذلك فهذا لم ينقل عن غير ابن عمر من الصحابة، بل كان أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وسائر السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار يذهبون من المدينة إلى مكة