بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله لذي شرع لنا الدين ورفع قواعده، وسهل شرائعه وموارده، وأوضح مناهجه ومعاهده، وأحكم أحكامه ومعاقده، وعظم مشاعره ومشاهده، ورفع قصوره، وبين ظهوره، و [متن ظهوره] (1)، فضرب الأرض بجرانه (2)، وسطع للأنام ببرهانه، وفصح لسانه، واتضح بيانه، وأشرق زمانه، وطربت ألحانه، وامتلأت دنانه (3)، وامتدت أشطانه (4)، واشتدت أطنانه (5)، واعتلى بنيانه، واعتمرت (6) أركانه، وامتنعت حصونه، وارتفعت شؤونه، واقتوت أشجاره، وارتوت أزهاره، وبسقت (7) نخيله، وسهلت سبيله، وساغ (8) سلسبيله، وتفرعت أغصانه، وتشعبت
Halaman 103
أفنانه (1)، وتطاولت أشجانه (2)، وعلا مناره، وجلا نهاره، وحلا ثماره، ولان شعاره (3)، وراق دثاره (4)، وزخرت بحاره، وتضاعفت أنواره.
والصلاة على خير من ابتعثه من الأنبياء، وأفضل من اختاره من ذواته العليا، أقدمهم نبوة، وأعظمهم فتوة، وآكدهم مروة، وأسماهم سموا، وأعلاهم علوا، ومن تلاه من شهوده تلوا، [ولم] (5) يألو في اعلاء الدين ألوا (6)، ما زينت السماء بنجومها، وصينت (7) برجومها، ودارت بأيامها، وسارت (8) بأعوامها، وما حدت الأرض بتخومها (9)، وانطبعت برسومها، ووتدت بأوتادها (10) وأقيمت بأطوادها (11).
أما بعد، فهذا ما اشتدت أشواقكم إليه، وقصرت هممكم عليه (12)، وعكفت قلوبكم لديه، طال ما ظلتم (13) ملحين فيه علي، ماثلين له بين يدي، صافين لاجتناء ثمر الاسعاف حوالي، مستمطرين وبلي (14)، مستمسكين بذيلي،
Halaman 104
مستنفرين لرجلي (1) وخيلي، مستدرين (2) طبعي، مستبذلين وسعي من كشف لثام الابهام وظلام الأوهام، عن وجوه خرائد (3) قواعد الأحكام، لشيخنا الإمام الهمام (4)، علامة علماء الاسلام، رضوان الله عليه وعلى سائر علمائنا الكرام، على غاية من الإيجاز، لا بحيث ينتهي إلى الألغاز، وإدراج في يسير من الألفاظ معاني طويلة الذيول والأعجاز (5)، مع استيفاء للأقوال وما استندت إليه، وإبانة عما ينبغي التعويل عليه، وتنقيح (6) للمسائل، وتهذيب للدلائل، واجتلاء (7) للعقائل (8)، واقتناء (9) للحظائل (10) (11)، وهتك للخدور (12)، ورفو (13) للفطور، وجبر للكسور،
Halaman 105
وشرح للصدور، وتكميل عن القصور، وتقوية عن الفتور (1)، وتسهيل للوعور (2)، ورياضة للصعاب (3)، وتقويم للشعاب (4)، وهداية للصواب في كل باب، وابتدأت بالنكاح وانتهيت إلى آخر الكتاب، لما لم يتفق لتلك الكتب شرح يكشف عنها النقاب، ويرفع عن معضلاتها الحجاب.
فحان الآن أن آخذ في شرح الصدر بشرح الصدر، وإتمام البدر، كما يتم القمر في منتصف الشهر، مستعينا بالله، متوكلا عليه، مستميحا من فضله التوفيق للاكمال، مبتهلا إليه.
قال المصنف - رفع الله مقامه، وضاعف إكرامه -: (بسم الله الرحمن الرحيم) أصنف أو أكتب أو أشرع فيه، أي متلبسا أو مصحوبا به، أي ذاكرا له، أو بالاستعانة به، كأنه لا يتيسر بدون ذكره، كما لا يتيسر بدون القلم.
وقد أراد بالأسماء الثلاثة المسمى، أي باسم هذا الذات الذي كذا وكذا، أي الذات الموسوم بالله، الموصوف بالرحمن الرحيم، ولكن ذكرها أغنى عن ذكر اسم آخر، فهي باعتبار المسمى من (5) مدلول الكلام وباعتبار أنفسها مصداق مدلوله.
ويجوز أن لا يراد بها إلا الألفاظ، ويكون إضافة اسم إليها، كما في: يوم الأحد، وشجر الأراك (6) فإنه اسم جنس يشمل ما فوق الواحد.
ويجوز أن يراد بالله الذات، وبالآخرين اللفظ، وعلى الأول فالمحققون على أن (الرحمن) أيضا اسم للذات ك (الله)، وأن لفظه هنا بدل من (الله)، ولذا قدم على (الرحيم) لكونه صفة، فاندفع السؤال عن جهة تقديمه مع أنه أبلغ.
(الحمد لله) يحتمل الاخبار عن كونه محمودا، وعن حمده له، والانشاء
Halaman 106
لحمده (على سوابغ النعماء) نوامها واسعاتها، والنعماء مفرد كالنعمة وبمعناها (وترادف الآلاء)، وهي جمع (آلى) بمعنى النعمة، ولم يظهر لي فرق بينهما وإن قيل باختصاص الآلاء بالنعم الباطنة، ومع الترادف لا اتحاد بين القرينتين، فإنه حمده على نفس النعم، ثم على ترادفها.
ثم ذكر أعاظم النعم المترادفة المشعرة، بما يسبقها من نعم الوجود، والعقل، والفهم، والقدرة، والقوة (1)، فإن ذكر النعم من الشكر عليها، وفيه تذكيرا للغير، وحثا له على الشكر، فقال: (المتفضل) يحتمل الوصف والقطع، أي: هو المتفضل، أو أعينه أو أخصه (بإرسال الأنبياء لارشاد الدهماء) أي جماعة الناس أو الثقلين إلى ما لا يبلغه عقولهم، أو ضلوا عنه (والمتطول بنصب الأوصياء) للأنبياء (لتكميل الأولياء) أي [أوليائه أو] (2) أولياء الأنبياء أو الأوصياء، فإنهم أخذوا أصل الدين من الأنبياء، وتكلمهم الأوصياء بالتفهيم والتفريع، وتعليم ما لم يأخذوه منهم (3).
وقد سئل، عن ذكر التفضل والتطول مع وجوبهما على الله عندنا (4)، فأجاب: بأنهما يتوقفان على الخلق والاقدار وتكميل العقول، لينتفعوا بهما، ويستأهلوا للنعيم المقيم ورفع الدرجات، وكل ذلك تفضل منه تعالى، وتطول فهما (5) كذلك، وإن وجبا بعد ذلك، فكأنه قيل: إنه تعالى تفضل بالتأهيل لارسال الرسل إليهم، ونصب الأوصياء لهم.
ويمكن الجواب: بأن الارسال إنما يجب للتعريض للثواب، والتحذير من العقاب، وكان من الجائز أن يهمل الله عباده، ويذرهم كالأنعام وإن كانوا عقلا كاملين، ولا يثيبهم (6) بالجنان، فتعريضهم لذلك وتشريفهم بالخطاب والتكليف
Halaman 107
تفضل. وأيضا لما أكملهم بالعقول، جاز أن يكلفهم بقضاياها من غير إرسال رسول يؤيدها وينبهها.
وأما وجوب الارسال لحفظ نظام النوع - لكون الانسان بالطبع مدنيا، مع نزوع كل إلى ما يشتهيه، والانطباع على الغضب على من يدافعه، وتأدى ذلك إلى القتال - فليس إلا وجوبا للحفظ، ولو كان يدعهم يتقاتلون ويتدافعون لم يلزم محال، مع إمكان خلقهم مطبوعين على التآلف، بل مبرئين (١) من الشهوة والغضب، وكل من خلق الشهوة والغضب فيهم وحفظ نظامهم تفضل منه تعالى.
(والمنعم على عباده بالتكليف المؤدي إلى أحسن الجزاء) والكلام فيه - كما تقدم (٢) - على أن الانعام قد يكون واجبا، وفي وصف التكليف بالتأدية إلى أحسن الجزاء دلالة على غايته، والعلة في صدوره عنه تعالى وفي كونه نعمة.
(ورافع درجات العلماء) كما قال: <a class="quran" href="http://qadatona.org/عربي/القرآن-الكريم/39/9" target="_blank" title="الزمر: 9">﴿هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب﴾</a> (٣)، وقال: <a class="quran" href="http://qadatona.org/عربي /القرآن-الكريم/58/11" target="_blank" title="المجادلة: 11">﴿يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات﴾</a> (4) (ومفضل مدادهم على دماء الشهداء) فقد ورد أنه يوزن يوم القيامة مداد العلماء ودماء الشهداء، فيرجح مداد العلماء على دماء الشهداء (5) (وجاعل أقدامهم واطئة على أجنحة ملائكة السماء) فقد ورد في الأخبار: (أن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم يطأها رضى به) (6).
وأما كون الملائكة، ملائكة الأرض أو السماء فغير مفهوم من الأخبار، ويمكن أن يقال: ملائكة السماء لا ملائكة الأرض (7)، لتمكنهم من العروج إليها.
ولعله، رأى من الأخبار ما ينص على ملائكة السماء.
(أحمده على كشف البأساء) وهي الجهل والضلال والفساد ، بإرسال
Halaman 108
الرسل، ونصب الأوصياء والتكليف (ودفع الضراء) وهي أنواع العذاب والخزي في الدارين بذلك، مع التوفيق للاهتداء.
قيل: ويمكن أن يريد بالأولى الجهل البسيط، وبالثانية المركب (1).
(وأشكره في حالتي الشدة والرخاء) فإن الشدة نفسها (2) نعمة عظيمة على المؤمن، يكفر ذنوبه، ويعظم له الأجر إذا صبر، مع أنه تعالى حينها لم يسلبه نعمة رأسا، بل له عليه من النعم ما لا يحصى، ولا ينبغي للعبد إذا سلبه الله نعمة أن يكفر بغيرها.
(وصلى الله على سيد الأنبياء محمد المصطفى) صرح باسمه مع ظهوره تبركا واستلذذا (3) (وعترته الأصفياء) وهم الأئمة الاثنا عشر، [أو مع فاطمة] (4) صلوات الله عليهم كما وردت به الأخبار (5)، وقد ذكرت في معاني الأخبار (6)، وغيره لتسميتهم بالعترة وجوه لا يهمنا التعرض لها (7) هنا (صلاة تملأ أقطار الأرض والسماء) هذه عبارة تذكر للمبالغة في كثرة الشئ وإن لم يكن من الأجسام، أي رحمهم وبارك عليهم رحمة وبركة بالغة في الكثرة منتهاها، أو يقال: الرحمة عليهم تتضمن رحمة سائر الخلق من الثقلين والملائكة وغيرهم، لأنهم رحمة للعالمين، فهذا معنى أنها تملأ الأقطار.
(أما بعد، فهذا كتاب قواعد الأحكام في معرفة الحلال والحرام) فإن الأحكام الشرعية كلها ترجع إلى حلال الفعل أو الترك، أو حرام الفعل أو الترك (لخصت فيه لب الفتاوى) فتاوى الأصحاب أو فتاواي، أي بينتها بيانا واضحا مع حذف الزوائد (خاصة) أي لم أتعرض للأدلة أو لغير الفتاوى (8) من
Halaman 109
الأقوال، أي لم أصرح بذلك - وإن أشار أو أومأ إليها - إلا نادرا.
ولا ينافيه اشتماله على الترددات، لإضافية (1) الحصر، مع أن التردد ربما أفاد الإفتاء بكل من الاحتمالين على التخيير [أو الاحتياط بأحدهما] (2). (وبينت فيه قواعد أحكام الخاصة) أي الإمامية، فإنهم خواص الناس بالله ورسوله صلى الله عليه وآله والأئمة: ولقلتهم وكثرة غيرهم أضعافا لا تحصى، وكذلك أهل الحق منذ خلق الله الناس قليل ما هم (إجابة لالتماس أحب) عامة (الناس إلي، وأعزهم علي) فلا يلزم ترجيحه على النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام فيرد أن في الخبر : لا يكمل إيمان المؤمن حتى يكون الله ورسوله أحب إليه من نفسه وولده (3) (وهو الولد العزيز) أبو طالب، فخر الدين (محمد الذي أرجو من الله تعالى طول عمره بعدي، وأن يوسدني في لحدي).
والمراد به إما ظاهره ويكون مستثنى من دخول ذي الرحم القبر كما قيل، وبه خبر العنبري عن الصادق عليه السلام: (لا يدفن الأب ابنه، ولا بأس أن يدفن الابن أباه) (4)، وخبر عبد الله بن راشد عنه 7: إن الرجل ينزل في قبر والده، ولا ينزل في قبر ولده (5). أو المراد البقاء بعده، فيكون تأكيدا لما قبله، أو الترحم (6) عليه والدعاء له، فيكون ما بعده تفسيرا وتأكيدا له.
(وأن يترحم علي بعد مماتي، كما كنت أخلص له الدعاء في خلواتي) إن كانت (من) بيانية، كان المعنى ترحما (7) مخلصا كما كنت أخلصه له من الدعاء، [أو مخلصا فيه كما كنت أخلص فيه من الدعاء] (عليها السلام)، وإلا فللتبعيض،
Halaman 110
و (ما) في (كما) كافة، أو يترحم علي كما كنت (1) أخص به وأخلص له بعض الدعاء.
(رزقه الله سعادة الدارين، وتكميل الرئاستين) في الدارين، أو في العلم والعمل (فإنه بر بي في جميع الأحوال، مطيع لي في الأقوال والأفعال) أي إنما كنت أخلص له الدعاء لأنه كذا، أو (2) إنما دعوت له الآن بسعادة الدارين وكمال الرئاستين لأنه كذا.
قال فخر الاسلام: لما اشتغلت على والدي - قدس الله روحه - في المعقول والمنقول، وقرأت كثيرا من كتب أصحابنا، التمست منه أن يعمل كتابا في الفقه، جامعا لأسراره وحقائقه، يبتني (3) مسائله على علمي الأصولين والبرهان، وأن يشير عند كل قاعدة إلى ما يلزمها من الحكم، وإن كان قد ذكر قبل ذلك معتقده وفتواه، وما لزم (4) من نص على قاعدة أخرى وفحواها، لتنبيه المجتهد على أصول الأحكام، وقواعد مبادئ الحلال والحرام، فقد يظن كثير من الجهال المقلدين تناقض الأحكام فيه، ولم يعلموا أنهم لم يفهموا من كلامه حرفا واحدا، كما قيل:
ويل للشعر (5) الجيد من رواة السوء (6)، انتهى.
وقد يستبعد اشتغاله قبل تصنيف هذا الكتاب في المعقول والمنقول، والتماس تصنيف كتاب صفته كذا وكذا، لأنه ولد سنة اثنتين وثمانين وستمائة، وقد عد المصنف الكتاب في مصنفاته في الخلاصة، وذكر تاريخ عده لها، وأنه سنة ثلاث وتسعين وستمائة، وفي بعض النسخ سنة اثنتين وتسعين، فكان له من العمر عند إتمام الكتاب إحدى عشرة، أو عشر، أو أقل، فضلا عما قبله، ولكن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء.
Halaman 111
وقد فرغت من تحصيل العلوم معقولها ومنقولها ولم أكمل ثلاث عشرة سنة، وشرعت في التصنيف ولم أكمل إحدى عشرة (1)، وصنفت منية الحريص على فهم شرح التلخيص ولم أكمل تسع (2) عشرة سنة، وقد كنت عملت قبله من كتبي ما ينيف على عشرة من متون وشروح وحواش، كالتلخيص (3) في البلاغة وتوابعها، والزبدة في أصول الدين، والخود البريعة (4) في أصول الشريعة وشروحها، والكاشف، وحواشي شرح عقائد النسفية. وكنت ألقي من الدروس وأنا ابن عشر (5) سنين شرحي التلخيص للتفتازاني، مختصره ومطوله، هذا مع احتمال إلحاق اسم الكتاب بما في الخلاصة بعد سنين من تأليفها، (والله المستعان، وعليه التكلان وقد رتبت هذا الكتاب) مشتملا أو مبتنيا (على عدة كتب) هي أحد وعشرون.
Halaman 112
(كتاب) (الطهارة) (وفيه مقاصد) عشرة:
Halaman 113
(الأول) (في المقدمات) (وفيه فصول) ثلاثة:
Halaman 115
(الفصل (1) الأول) (في) تعداد (2) (أنواعها) وقدم عليه تعريفها، فقال: (الطهارة: غسل بالماء، أو مسح بالتراب) أي الأرض ليدخل الحجر، و (أو) للتقسيم، أو بمعنى الواو، والباء فيهما للإلصاق، أو الآلة في الأول دون الثاني، لعدم اشتراط إمساس أعضاء التيمم بالأرض.
وهما كجنسين يشملان (3) ما تعلق منهما بالبدن وبغيره، وما له صلاحية التأثير في العبادة وغيره (4) فقال:
(متعلق بالبدن) وهو كفصل يخرج غسل (5) غيره ومسحه للتطهير من الأخباث، ولغيره.
(على وجه) أي الغسل، أو (6) المسح، أو المتعلق (7) بالبدن على وجه (له) أي للتعلق (8)، وإن تعلق الجار بالغسل، أو المسح، أو لكل (9) منهما، وإن
Halaman 117
تعلق بالتعلق (صلاحية التأثير في) تحصيل (العبادة) المشروطة به صحة (1) أو كمالا، أو تصحيحها حتى تكون تلك العبادة المشروعة (2)، أو تكميلها كالطهارة لصلاة الجنازة، والقراءة، وزيارة المقابر، والاحرام، ودخول الحرم وغيرها، وإن لم (3) يؤثر فيه، بأن تطهر (4) ثم نقض (5) قبل العبادة.
ومن البين أن التأثير لا يراد به التام، فيدخل وضوء الحائض وغسلها، ويخرج به كل غسل للبدن، أو مسح اختل فيه بعض ما يعتبر في الطهارة من النية أو (6) غيرها، والمجدد، والوضوء للنوم، أو الجماع (7)، وغسل التوبة لكونه بعدها، والأغسال المندوبة للأوقات. إلا أن يدعى أنها تؤثر في كمال العبادات بعد التوبة وفي الأوقات، وأن المجدد والوضوء للنوم أو بل يزيد غسل التوبة] الجماع يصحح العبادات المندوبة (8)، [بل يزيد غسل التوبة في كمالها] (9)، والمجدد في كمال الواجبة (10) أيضا. والنوم والجماع ربما كانا عبادتين.
ويدخل في الحد الطهارة من الأخباث مع حصره لها في الثلاثة، وأبعاض الطهارات، إلا أن يلتزم الدخول، أو يفسر (1) التأثير بما (12) لا يكون بالتبع، وتأثيرها بتبعية الكل.
وأما اشتمال الوضوء على المسح بالماء (13)، فيمكن اندفاعه بتفسير الغسل بالامساس أو التغليب. وكذا الوضوء بالمسح (14) لمانع من الغسل.
وأما مسح الجبائر، فيمكن إدخاله في حكم إمساس البدن، أو التغليب (وهي) ثلاثة:
Halaman 118
(وضوء) من الوضاءة.
(وغسل) بالضم من الغسل بالفتح.
(وتيمم) من قوله تعالى: <a class="quran" href="http://qadatona.org/عربي /القرآن-الكريم/4/43" target="_blank" title="النساء: 43">﴿فتيمموا﴾</a> (1).
(وكل واحد منها إما واجب أو ندب) لوجوب غاياتها، أو ندبها، أو عدم اشتراطها بها وإن وجبت، إلا في الكمال، كصلاة الجنازة والزيارات (2) والطواف والاحرام، وغاية (3) أغسال الأوقات ونحوها التطهر (4) المندوب.
(فالوضوء يجب للواجب من الصلاة والطواف، ومس كتابة القرآن) على ما سيأتي (5) من حرمة مس المحدث لها.
وقد يجب المس للإصلاح، وضم المنتشر، والرفع من أرض نجسة مثلا، والانقاذ من يد غاصب أو كافر، و (6) بالنذر وشبهه لرجحانه. كما نص عليه جماعة، منهم المصنف في النهاية (7) [في وجه] (8)، كما يظهر الآن.
(ويستحب للصلاة والطواف المندوبين) وإن اشترطا به، مع الخلاف في اشتراط الطواف المندوب به. وعدم التعرض للمس مبني على عدم رجحانه، واستحبابه في نفسه، وتعرض له (9) في النهاية فقال: ولمس المصحف لمناسبة التعظيم (10). وعلى العدم يمكن عروض الاستحباب له كالوجوب، كالرفع من وجه أرض طاهرة لتعظيمه، أو مسح الغبار عنه لذلك، وعبارة النهاية تحتمله (11)، وما تقدم عن جماعة من استحبابه في نفسه.
Halaman 119
وكذا يستحب إذا نذره، نية لا لفظا، بناء على استحباب الوفاء بالنذر قلبا، وانعقاده في المباح.
(ولدخول المساجد) كما في الوسيلة (1) والنزهة (2) والجامع (3).
لقوله صلى الله عليه وآله في خبر عبد الله بن جعفر، عن أبيه: قال الله تبارك وتعالى: ألا إن بيوتي في الأرض المساجد، تضيء لأهل السماء كما تضئ النجوم لأهل الأرض، ألا طوبى لمن كانت المساجد بيوته، ألا طوبى لعبد توضأ في بيته ثم زارني في بيتي، ألا إن على المزور كرامة الزائر (4).
ولقول الصادق عليه السلام في خبر كليب الصيداوي: مكتوب (5) في التوراة: إن بيوتي في الأرض المساجد، فطوبى لمن تطهر في بيته ثم زارني في بيتي، وحق على المزور أن يكرم الزائر (6).
وفي خبر مرازم بن حكيم: عليكم بإتيان المساجد فإنها بيوت الله في الأرض، ومن أتاها متطهرا طهره الله من ذنوبه، وكتب من زواره (7).
وقول أمير المؤمنين عليه السلام: من أحسن الطهور ثم مشى (8) إلى المسجد فهو في صلاة ما لم يحدث (9).
وزاد في المنتهى استحباب المبادرة إلى تحية المسجد، مع كراهة الوضوء فيه (10). وألحق به ابن حمزة دخول كل موضع شريف (11).
(وقراءة القرآن) كما في الوسيلة (12) والنزهة (13) والجامع (14)، لقول
Halaman 120
الصادق عليه السلام فيما وجدته مرسلا عنه عليه السلام: لقارئ القرآن بكل حرف يقرأه (1) في الصلاة قائما مائة حسنة، وقاعدا خمسون حسنة، ومتطهرا في غير الصلاة خمس وعشرون حسنة، وغير متطهر عشر حسنات (2).
[وأرسل نحوه عن أمير المؤمنين عليه السلام، وفي آخره: لا أقول (المر) حرف بل له بالألف عشر، وباللام عشر، وبالميم عشر، وبالراء عشر (3).
وفي الخصال، في باب الأربعمائة عنه عليه السلام: ألا يقرأ العبد القرآن إذا كان على غير طهور حتى يتطهر (4).
وفي قرب الإسناد للحميري، عن محمد بن الفضيل أنه سأل أبا الحسن عليه السلام:
أقرأ المصحف ثم يأخذني البول فأقوم فأبول وأستنجي وأغسل يدي وأعود إلى المصحف فأقرأ فيه؟ فقال: لا، حتى تتوضأ للصلاة (5)] (6).
(وحمل المصحف) كما في الجامع (7) ولو بالغلاف والكيس. وفي النزهة (8) مكانه مسه: (وذلك للتعظيم). وقول أبي الحسن عليه السلام في خبر إبراهيم ابن عبد الحميد: المصحف (9) لا تمسه على غير طهر، ولا جنبا، ولا تمس خيطه - وفي بعض النسخ خطه - ولا تعلقه، إن الله تعالى يقول: (لا يمسه إلا المطهرون) (10).
(والنوم) للأخبار، كقول الصادق عليه السلام في خبر حفص بن غياث: من تطهر ثم آوى إلى فراشه بات وفراشه كمسجده، فإن ذكر أنه ليس على وضوء فيتيمم من دثاره كائنا ما كان، لم يزل في صلاة ما ذكر الله عز وجل (11).
Halaman 121
ورده الشهيد (1) إلى الكون على الطهارة. وقد يتأيد كون الغاية هي النوم، باستحبابه لنوم الجنب.
(وصلاة الجنائز) لأن عبد الحميد بن سعد سأل أبا الحسن 7:
أيصلى (2) على الجنازة على غير وضوء؟ فقال: يكون على طهر أحب إلي (3).
(والسعي في (4) الحاجة) كما في الجامع (5) والنزهة (6)، لقول الصادق عليه السلام في خبر عبد الله بن سنان: من طلب حاجة وهو على غير وضوء فلم تقض، فلا يلومن إلا نفسه (7).
(وزيارة المقابر) للمؤمنين، كما في الجامع (8). ولم أظفر لخصوصه بنص.
(ونوم الجنب) لنحو صحيح الحلبي، عن الصادق عليه السلام: سئل (9) عن الرجل أينبغي له أن ينام وهو جنب؟ فقال: يكره ذلك حتى يتوضأ (10).
وفي الغنية (11) والمنتهى (12) وظاهر المعتبر (13) والتذكرة الاجماع عليه (14).
وفي النزهة: نوم من عليه الغسل (15).
(وجماع المحتلم) كما في النهاية (16) والمهذب (17) والوسيلة (18)
Halaman 122
والجامع (1) والشرائع (2) والنافع (3) والنزهة (4). ولم أظفر له بسند، وإنما تضمن الخبر المعروف الاغتسال تحرزا عن جنون الولد.
(وذكر الحائض) وكأنه لا خلاف فيه، [إلا ممن أوجبه] (5) ويأتي.
(والكون على الطهارة) أي غير محدث، وكأنه لا خلاف فيه أيضا.
وعنه صلى الله عليه وآله: يا أنس أكثر من الطهور، يزيد الله في عمرك، وإن استطعت أن تكون بالليل والنهار على طهارة فافعل، فإنك تكون إذا مت على طهارة شهيدا (6).
وعنه صلى الله عليه وآله: يقول الله تعالى: من أحدث ولم يتوضأ، فقد جفاني (7).
وعن أمير المؤمنين عليه السلام: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله إذا بالوا توضأوا، أو تيمموا، مخافة أن تدركهم الساعة (8).
(والتجديد) يحتمل الرفع، أي: ويستحب تجديد الوضوء، والجر (9) أي:
ويستحب الوضوء لتجديد وضوء سابق، أي (10) حكمه، أو كأنه إعادة له، ولا خلاف فيه. والأخبار له (11) كثيرة، كقولهم عليهم السلام الوضوء على الوضوء نور على نور (12)، ومن جدد وضوئه (13) لغير حدث جدد الله توبته من غير استغفار (14).
وقضية إطلاق النصوص والفتاوى استحبابه مطلقا، كما نص عليه في التذكرة (15) وكرهه الشافعي إن لم يصل بالوضوء الأول، ولم يستحبه للنافلة (16).
Halaman 123
ويستحب الوضوء لأمور أخر:
منها: إرادة المعاودة إلى الجماع، لقول الصادق في مرسل ابن أبي نجران: إذا أتى الرجل جاريته ثم أراد أن يأتي الأخرى توضأ (1). وقول الرضا عليه السلام في خبر الوشاء: كان أبو عبد الله عليه السلام إذا جامع وأراد أن يجامع مرة أخرى توضأ للصلاة، وإذا أراد أيضا توضأ (2). ونفى عنه الخلاف في نكاح المبسوط (3).
ومنها: جماع الحامل، لقوله صلى الله عليه وآله: يا علي، إذا حملت امرأتك فلا تجامعها إلا وأنت على وضوء، فإنه إن قضى بينكما ولد يكون أعمى القلب، بخيل اليد (4).
ومنها: كتابة القرآن، لأن علي بن جعفر سأل أخاه عليه السلام عن الرجل أيحل (5) له أن يكتب القرآن في الألواح والصحيفة وهو على غير وضوء؟ قال: لا (6).
ومنها: أكل الجنب، لأن عبد الرحمن بن أبي عبد الله سأل الصادق عليه السلام: أيأكل الجنب قبل أن يتوضأ؟ قال: إنا لنكسل، ولكن ليغسل يده، والوضوء أفضل (7).
ومنها: جماع غاسل الميت قبل الغسل.
ومنها: تغسيل الجنب (8) الميت، كلاهما لقول الصادق عليه السلام لشهاب بن عبد ربه: إذا كان جنبا غسل يده وتوضأ وغسل الميت، [وإن غسل ميتا ثم توضأ] (9)
Halaman 124