فهذا حالى وأنا ألطف الأوراد، وأشرف الورّاد، فمن ذا الذي سلم الأنكاد، ومن صبر على نكد الدنيا فقد بلغ المراد.
وبينما أنا أرفل في حلل النضارة، إذ قطفتني يد النظارة، فأسلمتني من بين الأزاهير إلى ضيّق القوارير، فيذاب جسدي، ويُحرق كبدي، ويُمزق جلدي، ويقطر دمعي الندى، ولا يُقام بأودي، ولا يؤخذ بقودي، فجسدي في حُرق، وجفوني في غرق، وكبدي في قلق، وقد جعلت ما رشح من عرقي شاهدًا لما لقيت من حُرقي، فيتأسى باحتراقي أهل الاحتراق، ويتروح بنفسي ذوو الأشواق، فأنا فانٍ عنهم بأيّاي، باقٍ فيهم بمعناي، أهل المعرفة يتوقعون لقآئي، وأهل المحبة بتمنون بقآئي، وفي ذلك أقول:
فإنْ غِبْتَ جِسْمًا كنتَ بِالرُّوحِ حاضرًا ... فسِيّان قُرْبى إنْ تَأَمّلتَ والبعْدُ
فللَّهِ من أضْحَى من النَّاسِ قائلًا: ... إِنَّكَ مَاءُ الوَرْدِ إذْ ذَهَبَ الوَرْد
1 / 51