كل منهما مقتنع بتغيره هو، ولكنه يتساءل عن تغير الطرف الآخر، وكل منهما مقتنع بأنه غير صالح للحياة الطبيعية، وأنا مقتنع معهما بذلك على الأقل في هذه الفترة التعيسة؛ إذ يلزم وقت كاف لتضميد الجراح وتطهير النفس، بل يلزم عمل يكون من شأنه إعادة الثقة إلى النفس والاحترام إلى الشخصية. غير أن مناقشة تلك الأمور تعذرت علي بطبيعة الحال، ولكنني قلت متسترا بالعموميات: الإنسان لا يتغير - أعني إلى أحسن - لا بالاستسلام ولا بالانتظار.
فقالت بامتعاض: ما أسهل التفلسف! - ربما، ولكن إسماعيل يتوجه بقلبه هذه الأيام نحو الفدائيين. - أعرف ذلك.
فتساءلت بعد تردد: وفيم تفكرين أنت؟
فصمتت فترة غير قصيرة ثم قالت: قبل أن أجيبك علي أن أصحح واقعة تخص إمام الفوال وجمعة، فالحق أن وساطتهما بين زين العابدين وبيني عقب الاعتقال الثاني تمت بجهل وبراءة. - أتعنين أنهما بريئان مما رميتهما به؟ - كلا، ولكنهما سقطا في الأعوام الأخيرة لا قبل ذلك، وقد التبس علي الأمر، وأرجو أن تذكر أنني إنما أروي قصتي من الذاكرة، وأني لا أضمن الدقة في تفاصيلها.
فهززت رأسي في أسى وكررت سؤالي: فيم تفكرين الآن؟ - أيهمك حقا أن تعرف؟ - الحق أني لا أتصور أنك مستمرة في ...
وتوقفت رغما عني، فقالت تكمل كلامي: ممارسة البغاء؟
فلم أنكر ولم أوافق فقالت: أشكر لك حسن ظنك.
فلم أعلق بكلمة فقالت: إني أمارس حياة متقشفة بكل معنى الكلمة. - فتساءلت بفرح: حقا؟ - أجل. - وكيف حدث ذلك يا زينب؟ - سرعان ما حدث، بثورة مضادة، ونتيجة لقرف لا يزول.
ثم تساءلت بحنان: أين أيام البراءة والحماس أين؟!
خالد صفوان
Halaman tidak diketahui