أما دولتنا فيكون لنا فيها حكم ذاتي في كل الاتجاهات الهامة لنا.
بدون الدولة لا أفترض - ومن الصعب حقيقة أن نفترض - أن العرب يقبلون بهجرة واسعة إلى فلسطين؛ لأنهم يعرفون أن هجرة كهذه ستجعلنا أكثرية في البلاد في بضع سنين، وإذا وافقوا هم على هجرة محدودة تضمن لهم بقاء الأكثرية العربية في البلاد؛ أي هجرة تضطرنا إلى البقاء أقلية دائمية، فنحن لن نوافق على حل كهذا، وقد صرحت بهذا البارحة بنشرة أصدرتها الوكالة اليهودية.
هناك يهود من الممكن أن يوافقوا على واحد من هذين الحلين، ولكن إذا قاوم السكان اليهود في فلسطين بمساعدة الجمعية الصهيونية، لا أعتقد أن الحكومة البريطانية تتمكن من إجبارنا على أن نكون أقلية في البلاد تستطيع الحكومة من تحديد الهجرة، ولن نكون قادرين على استخدام القوة لإجبارها على إطلاق الهجرة، وأعظم خطر يجابهنا ليس الدولة العربية في قسم من البلاد، ولكنه استمرار الانتداب وتحديد الهجرة، وهذا بالطبع أسهل الحلول للحكومة البريطانية ولكنه أسوأها لنا، وفي هذه الحالة أضع ثقتي وأملي في مساعدة العرب ...!
مساعدة العرب
يمكنكم أن تستغربوا هذا الكلمات: كيف ولماذا يأتي العرب لمساعدتنا؟ على كل حال هناك أشياء غريبة في التاريخ، وفي بعض الأوقات يساعد الخصم خصمه بدون قصد. وهكذا ساعد الإصلاحيون عصابات المفتي مرات قليلة، ليس لأنهم قصدوا مساعدتهم، بل بالعكس لأنهم فكروا في مقاتلتهم، فضاعف أولئك (العرب) إرهابهم وقووا جبهتهم. وهكذا المفتي وجماعاته سيساعدوننا بأعمال يقصدون بها معاكستنا، ولكن حقيقتها تساعدنا «بمساعدة» المفتي (بواسطة الإضراب في يافا) أنشأنا مرفأنا في تل أبيب، «بمساعدة» المفتي وسعنا العمل اليهودي في المستعمرات (في الوقت الحاضر)، «بمساعدة» العصابات أجبرت الحكومة على تسليح شبابنا، وهكذا فإنني أظن أننا سنقضي «بمساعدة» المفتي على فكرة تحديد الهجرة.
كيف ذلك؟
هذا صحيح
إن العرب لن يكتفوا بتحديد الهجرة فقط، فما يحاربون من أجله وما يرمون إليه هو الحكم الذاتي، ولن يوقف العرب كفاحهم في سبيل هذا الحكم، حتى ولا بعد إعلان الحكومة إلغاء مشروع التقسيم كما أعتقد. إن العرب سيكافحون ضد الانتداب؛ أي ضد استمرار الحكم البريطاني في البلاد؛ لأن الانتداب ذو شقين؛ عندما نقول «الانتداب» نفكر بالهجرة اليهودية والاستعمار، نشك في أن انتدابا كهذا يمكن أن يستمر وجوده، وإذا استمر انتداب كهذا فلأنه يتمشى مع وجهة نظرنا.
ولكن أولئك الذين يعتقدون أن استمرار الانتداب من الضروري أن يرافقه هجرة واسعة واستعمار هم مخطئون جدا. يمكن استمرار الانتداب بدون هجرة وبدون استعمار، ولكن العرب لا يكتفون حتى بهذا الانتداب؛ لأن الانتداب من وجهة نظر العرب يعني «الحكم البريطاني».
كانت العراق تحت الانتداب البريطاني، ولم تكن هناك قضية هجرة يهودية، وبالرغم من هذا فالعراقيون حاربوا الانتداب؛ لأنهم يريدون الحكم الذاتي.
Halaman tidak diketahui