ومن يبغي بها الأخرى مفازًا ... فقد حاز المعاني والمعالي
وقال بعْضُ الحكماء: حياة الرُّوح العفافُ، وحياةُ الحِلْم العِلْم، وحياةُ العِلْمِ البيانُ.
قال أبو إسحاق:
وَقَدْ بايَنَ اللهُ سبحانه بَيْن الخواطر كما بايَن بيَنْ َالبَصَائر، فجَبَلَ بعْضَها على الفَهْمِ والبيان، فظَهر
فيها واستبان، وجَبَلَ بعضها على الجهْلِ والعيِّ، فما تعرِفُ الرُّشْدَ من الغَيَّ، ولا المَكْروه من
المَحْبوب، ولا المَْتروك من المَطْلوب. ولذلك قال صعصعة بن صوحان العبدي لمعاوية بن أبي سفيان
حين سأله أن يَصِفَ الناس، فقال: (خُلِقَ الناسُ أخْيافًا. فطائفةٌ للعبادة، وطائفةٌ للتجارة، وطائفةٌ للبأْس
والنجدة، وطائفةٌ خُطباء، ورَجْرِجَةٌ يكدرون الماء ويُغلُون السِّعر، ويُضَيِّ
قون الطريق فيما بين ذلك).
قوله: (خُلق الناسُ أخْيافًا) سماهم: أخيافًا لاختلاف أصولهم وطبائعهم. وإذا كان الإخوة لأمٍّ واحدة
وآباء شتى فهم أخيافٌ أيضًا. قال أبو محمد بن قتيبة وغيره، أصل الخَيَف في الخَيل. وهو أن تكون
إحدى عيني الفرس زرقاء والأخرى كحلاء.
وقال الشاعر:
الناسُ أخيافٌ وشتى في الشِّيم ... وكلُّهم يجمعُهم بيتُ الأدَمْ
1 / 97