والرأى السديد فى التدبير، يفهم من مبادئ الأقوال خواتم الأحوال، ومن صدور الأمور إعجاز ما فى الصدور (من الطويل):
يناجيك عمّا فى الضمير كأنّه ... بمختلسات الظنّ يسمع أو يرا
فأبوابه الشريفة كعبة المحتاج لا كعبة الحجّاج، وأمن الخائف لا منا الطائف، ومشعر الكرم، لا مشعر الحرم، ومنجد الخوف لا مسجد الخيف، حرسها الله تعالى بما حرس به كعبته من أصحاب الفيل ورمى من رامها بسوء بحجارة من سجيل (من الطويل):
إليه والاّ قيّدوا قدم السرى ... وفيه والاّ أخرسوا اللسن (١) الحمد
وعنه أفيضوا إنّه مشعر الهدى ... وحوليه طوفوا إنّه كعبة القصد
وحسب الليالى أنّها فى زمانه ... بمنزلة الخيلان فى سفحة الخدّ
يغيثك فى محل يعينك فى ردا ... يروعك فى درع يروقك فى برد
جمال وإجمال وسبق وصولة ... كشمس الضحى كالمزن كالبرق كالرعد
قد أقامه الله تعالى رحمة لعباده، وغيثا لبلاده، وغوثا لعباده، حاسم عن القيام بحقوق الله ساق التشمير، وحاسم بنفوذ أوامره المطاعة موادّ الفساد بحسن التدبير، كنز الآملين وغيث الماجلين وملجأ القاصدين وبحر الواردين، سيّد الملوك والسلاطين، فى كل عصر ووقت وحين (٦) الذى عجزت الألسن فى مدحه حتى عادت قصار، ولو كان كلّ اللسن (٢) كحسّان والأنصار له أنصار:
(من الكامل):
ماذا أقول إذا وصفت جلاله ... والنطق فيه مطلق ومقيّد
النظم أضيق أن يحوز صفاته ... لكنّه جهد الذى هو يجهد
_________
(١) اللسن: ألسن
(٢) اللسن: الألسن
1 / 5