Kamil Munir
الكامل المنير(المقدمة + الجزء الأول)
Genre-genre
وزعموا أنه فرط ولم يبين، ولو بين لوجدوه، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا، فلقد بين وأوضح، ودل وأمر باتباع الذي دل عليه، ولقد وبخهم بذلك إذ أمرهم أن يردوا علم ما لم يجدوا إلى ولي الأمر الراسخ في العلم الذي يعلم تأويل القرآن وتنزيله، وناسخه ومنسوخه، وحلاله وحرامه، ومحكمه ومتشابهه، الذي قال فيه:{إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا}[المائدة/44]، ثم استثنى بعد النبيئين فقال: {والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء}[المائدة/44]؛ فأخبر تبارك وتعالى أن المستحفظين لكتاب الله هم الذين يحكمون بكتاب الله وبما في التوراة، على أن التوراة أعجمية أنزلت لغيرنا على غير نبينا، فكيف لا يعلم نبينا المستحفظ لكتابنا على حكم ما أنزل عليه لنا؟.
فلو نظرت الخوارج ومن قال بمقالتهم، وفكرت من كان المستحفظ لكتاب الله بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومن الذي جمعه وألفه(1)، وادعى علم تأويله، ومعرفة ناسخه ومنسوخه، وحلاله وحرامه، ومحكمه ومتشابهه، فقصدوا قصده لم يعدموا علم نازلة تنزل بهم، ولا بأحد من الخلق إلا وجدوا علمها عند ذلك المستحفظ، ولم يقصدوا من لم يحفظ كتاب الله ولم يقرأه، ومن طلب الشهود عليه بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمن لم يجمعه.
فمن جاء بآية يشهد عليها شاهدان أنها من كتاب الله أثبتها، وإن
لم يأت عليها شاهدان لم يقبلها، ولعل فيما لم يقبل من الله حكما من الله لبعض النوازل التي زعموا أنهم لم يجدوا حكمها في كتاب الله.
[الموقف من والصحابة]:
وزعمت الخوارج ومن قال بمقالتهم أن الشيعة طعنت على أبي بكر، وعمر، وعثمان، وجميع المهاجرين والأنصار.
فلعمري؛ إن من طعن على الله في تدبيره، وعلى رسوله في تقصيره في بلاغ رسالات ربه وبين من طعن على أبي بكر، وعمر، وعثمان، وجميع المهاجرين والأنصار، وجميع الخلق أجمعين بونا بعيدا.
Halaman 91