Berapa Usia Kemarahan?
كم عمر الغضب؟: هيكل وأزمة العقل العربي
Genre-genre
وبالمثل، فإن حملته الراهنة على إدارة حرب أكتوبر سياسيا ، وعدم تطويرها عسكريا، وإفشاء سر الحرب المحدودة إلى الأمريكان، كل هذه وطنية بأثر رجعي، لأن الأحداث انتهت منذ زمن بعيد. أما في الوقت الذي كان يمكن فيه التأثير في مجرى تلك الأحداث، فقد كان هيكل يدعو بكل صراحة إلى الحرب المحدودة، وإلى التفاهم مع الأمريكان.
وأخيرا، فإن نقده للاتجاهات التسلطية أيام عبد الناصر لم يصبح مسموعا إلا أيام السادات، بعد أن أصبحت مراكز القوى في حالة دفاع عن النفس، أما عندما كان هؤلاء الجبابرة يسومون الناس عذابا، ويعتقلون الآلاف بلا محاكمة، فلم نسمع له صوتا! وهكذا تأتي البطولة دائما متأخرة، ويظل هيكل مشاركا في الخطأ أثناء حدوثه، ثم يستنكره بعد فوات أوانه، من أجل كسب النقاط ورفع الأسهم وزيادة رصيد الوطنية على غير أساس.
كلمة أخيرة
أكاد، في لحظتي هذه، أسمع احتجاج القارئ، وخاصة لو كان شابا، وهو يقول: لقد هدمت كل مقدساتنا، ولم تترك إلا حطاما، وشككت الناس في كل شيء وكل شخص، ولم تقدم بديلا إيجابيا.
وردي على هؤلاء هو أنني لم أستهدف، كما قلت مرارا، أي شخص بعينه، وسيكون قد أساء فهم مقصدي، كل من يتصور أنني أريد أن أهدم أسطورة هيكل، أو أكشف عيوب هذا الحاكم أو ذاك، فهذه نتائج يمكن أن تأتي بطريقة عرضية أو هامشية، أما الهدف الأصلي الذي كنت أسعى إليه، فهو أن أحث قرائي على أن يفكروا فيما يرونه حولهم بوعي وتبصر، ولا بأس خلال ذلك أن تتزعزع مقدسات كثيرة، فأول مراحل العقيدة الصحيحة هي تحطيم الأصنام، ولا بأس من جرعة كبيرة من النقد والتشكك في عصر أصبحنا فيه ممنوعين من أي اعتراض أو احتجاج.
إن هدفي الحقيقي ليس هيكل ولا السادات ولا عبد الناصر، بل هو عقولكم أنتم، فمن هذه العقول تأتي الهزيمة أو النصر.
ولقد كتبت هذه الصفحات كلها في أيام قليلة، بعد نشر كتاب هيكل مباشرة، وكنت طوال كتابتها أعجب لحماستي التي تتدفق، وكأنني أريد أن أسوي حسابا طويلا قديما، بل إن بعض القراء تصوروا بالفعل، أن بيني وبين هيكل ثأرا خاصا، وذلك جريا على عادتنا في تفسير كل شيء بعوامل شخصية.
وحقيقة الأمر هي أن هناك بالفعل حسابا أردت أن أسويه، ولكن ليس مع هيكل أو أي شخص آخر بعينه، بل مع أسلوب في الحكم وفي التفكير، وفي معاملة الإنسان للإنسان، كنت أرفضه على الدوام.
كان يكفي أن أسير في شوارع القاهرة كل صيف، وأرى الفارق بين قاهرتي الجميلة التي شهدتها في طفولتي وصباي، وقاهرة اليوم التي خربت بأكثر مما يستطيع عدو مجنون أن يفعل ...
كان يكفي أن أقارن بين تعليمي في طفولتي والقشور، التي يتلقاها أطفال اليوم بأقل الأساليب أمانة وإخلاصا ...
Halaman tidak diketahui