Berapa Usia Kemarahan?
كم عمر الغضب؟: هيكل وأزمة العقل العربي
Genre-genre
إن نجاح الثورة الإيرانية أمر قد اتضح وتمت البرهنة عليه من جراء الهزيمة المخزية لبعثة الإنقاذ الأمريكية، فلقد بين الله سبحانه وتعالى للعالم، أنه مهما كان العدو جبارا، فإن الحق في جانب المظلومين وفي هذه الحالة ستتاح للجميع فرصة ليشهدوا التسامي الخلقي للجمهورية الإسلامية؛ ولهذا: (ب)
خدمت قضية الرهائن الغرض الذي كانت ترغب فيه إيران، فقد كانت بمثابة الأداة التي أظهرت للعالم، وبشكل مثير، مساوئ حكم الشاه ودعم الحكومة الأمريكية له، إن عجز الحكومة الأمريكية عن القيام بعملية إنقاذ لهو الشهادة الثانية والأخيرة على عدالة أخذ الرهائن، (ولو على سبيل المثال: أدى الفعل الإيراني إلى رد فعل أمريكي، نتج عن فشله تأكيد للرسالة، التي كانت إيران تود أن تنقلها أساسا)؛ لذلك لم يعد هناك أي حاجة للرهائن. (ج)
سيتم الإفراج عن الرهائن؛ لأن إيران لم تكن تنوي أبدا إلحاق الأذى بهم، وهذه اللفتة ستظهر بشكل مثير وواضح مدى سماحة الإسلام ورحمته، وليس هناك شعور بالكراهية تجاه الشعب الأمريكي، وإنما ينصب الكره على الحكومة وحدها (فيطلق سراح الرهائن الآن، وليظهر غباء الأمريكيين وعدم مهارتهم أكثر من ذي قبل ولتنقلهم الطائرات من تاباز نفسها أمام مندوبي الصحف، ولتدون كل ملاحظاتهم الساخرة المستخفة بالولايات المتحدة ... إلخ)، ولتظهر إيران والجمهورية الإسلامية بمظهر المنتصر ذي الأخلاق السامية. (د)
وهكذا يظهر مختطفو الرهائن بمظهر المنتصرين والأبطال القوميين، فهم لم يلحقوا الأذى بأحد، كما أنهم نفذوا تعاليم الإمام، وستقوم الحكومة بمكافأتهم بسخاء، ويعترف الإمام بفضلهم بشكل خاص، قد تكون هذه هي آخر فرصة لقوة المختطفين لترك مجمع السفارة، دون حدوث ضرر لأحد في إيران. (ه)
يجب أن تعلن إيران نفسها قرار الإفراج، وكأنه حدث درامي يدل على الرحمة والعطف بالرهائن، وهي خطوة اتخذها الخميني بنفسه، وإجراءات الإفراج عن الرهائن ستمنح إيران فرصة هائلة للدعاية، تغطي بها الخمسة أشهر البائسة بمسحة من الأخلاق الحميدة والرحمة، وهكذا تجدد إيران صورة الإسلام، وهذا شيء يسعد كافة المسلمين في العالم، وتهاجم الحكومة الأمريكية مرة أخرى لعدائها للقضايا العادلة، وهذا لا يقلل من معركة إيران مع الحكومة الأمريكية، ولا يمثل أي نوع من المهادنة معها.
انتهت الرسالة.
ولقد تلقيت رسائل أخرى من واشنطن بعد ذلك، لكن حسب معلوماتي التي كانت ترد من طهران، كانت كل خطوط الاتصال مع الأمريكيين قد تداخلت بشكل يبعث على اليأس، فلم يكن لدى الإيرانيين أي فكرة عن المفترض فيه أن يتحدث معهم، ولا حتى عن تلك الإشارات التي كانوا يتلقونها من الأمريكيين وتعبر عن الموقف الأمريكي الحقيقي.» •••
آمل أن تكون، أيها القارئ، قد قرأت هذه الصفحات المنقولة حرفيا بإمعان، فلم يكن ما تطلبه أمريكا هنا من هيكل مجرد وساطة، بل إنهم اختاروه شخصيا للقيام بعملية خداع واستغفال لعقول الإيرانيين، مستغلا مشاعرهم الإسلامية، بحيث يتعامل معهم كما لو كانوا مجموعة من الهنود الحمر البدائيين، الذين يمكن الحصول على كل شيء منهم مقابل عقد من الخرز الملون، وبالطبع فقد تصور هيكل أنه يدافع عن نفسه، حين قال إنه لم يقم بتنفيذ المهمة المطلوبة منه، ولكن هذا، في الواقع، ليس دفاعا على الإطلاق؛ إذ إن المشكلة لا تكمن في التنفيذ أو عدم التنفيذ، وإنما في الطلب ذاته.
المشكلة الكبرى هي أن الأمريكيين «كانوا يأملون أن يوافق على هذه الخطوة.» فعلى أي أساس جاءهم هذا الأمل؟ كيف تصوروا أنه سيقبل الاشتراك في عملية خداع الحكام الإيرانيين ومعاملتهم كأنهم أطفال؟ من أين جاء كل هذا الأمل، وكل هذا «العشم» في هيكل؟ وكيف توقعوا منه أن يتجاوز مهمة الوساطة ويقوم بتمثيلية خداعة على الإيرانيين باسم الإسلام، أي أن يخاطبهم وفي نيته أن يغشهم ويستغل سذاجتهم لصالح أمريكا؟ وما هو نوع الروابط التي تربطه بهم حتى يطلبوا منه شيئا كهذا؟
إن هيكل يستطيع أن يقول، بالطبع، إنه ما دام قد نشر الرسالة فلا بد أنه كان حسن النية، ولكن الواقع أنه لا يدرك ما يمكن أن تكشفه رسالة كهذه عن الطريقة التي ينظر بها الأمريكيون إليه، فمن المستحيل أن تطلب أمريكا من إنسان عادي - مهما كانت مكانته - أن يعرض نفسه للأخطار من أجل أداء كل هذه الخدمات لصالحها، وحتى لو كانت أمريكا قد أساءت التقدير، وتصورت خطأ أن هيكل يمكن أن يقوم بهذا كله لحسابها، فإن لهذا الخطأ ذاته دلالته البالغة؛ لأنهم لا يمكن أن يكشفوا أوراقهم على هذا النحو لأي شخص غير ملتصق بهم، ومن جهة أخرى فقد كان المفروض، في حالة خطأ أمريكا، أن يرد عليهم هيكل بشدة، لا معتذرا فقط، بل مستنكرا هذا الطلب بكل قوة، كان المفروض أن يرد عليهم ردا شديد العنف، يقول فيه، مثلا: هل تتصورون أنكم تخاطبون شخصا يشتغل لحسابكم حتى تطلبوا مني شيئا كهذا؟ وكيف تتخيلون أنني سأقوم بعملية خداع واستخفاف بعقول أناس وضعوا ثقتهم في؟ ولكن هيكل لم يفعل ذلك، والدليل على هذا هو أن كل ما انتقده على الأمريكيين، في تعليقه على رسالتهم، هو «ابتعاد تفكيرهم عن الواقع»، والدليل الأهم على أنه لم يستنكر، ولم يوقف الأمريكيين عند حدهم، هو أنهم عادوا فبعثوا إليه برسائل أخرى.
Halaman tidak diketahui