Kata-kata Pada Riyad Pasha
كلمة على رياض باشا: وصفحة من تاريخ مصر الحديث تتضمن خلاصة حياته
Genre-genre
ولكن مدة هذا الغضب لم تطل، فقد حظي رياض بالرضا ثانية بعد شهور قليلة؛ فإن سعيدا والي مصر استعاده في معيته «لخدمة الكتابة» بإذن تاريخه 10 ذي القعدة سنة 1277، حتى جاءت سنة 1279 فأنعم عليه برتبة المير ميران وجعل ماهيته مائة جنيه مصري في الشهر، بعد أن كان منذ خمسة عشر عاما مبيضا لا يتقاضى في الشهر جنيها واحدا ونصف جنيه.
حتى إذا كانت سنة 1281 صدر الأمر العالي بتعيين رياض باشا عضوا في مجلس الأحكام. وهذا المجلس يماثل ما نسميه الآن بمحكمة النقض والإبرام. ثم أحيلت إلى عهدته نظارة «أمور خاصة خديوي»، أعني الخاصة الخديوية حسب العرف المألوف في أيامنا هذه، بسبب السيادة التي بدأت تعود إلى اللغة العربية.
وانتقل رياض باشا إلى وظيفة مهردار إلى 11 شوال سنة 1284.
فغضب عليه إسماعيل وأصدر للمالية إدارة سنية مختصرة باللغة التركية هذه ترجمتها الرسمية:
بحسب الإيجاب قد صار رفعة رياض باشا مهردارنا سابقا من معيتنا، فلأجل إجراء إيجاب ذلك بالمالية لزم الإشعار.
ولا عجب في هذا الغضب؛ فمواقف رياض مع إسماعيل أشهر من نار على علم، ولكن رياض باشا إن كان يرفض الخدمة لأقل سبب، فإن مولاه كان في حاجة ماسة إلى مثله؛ فلذلك اضطر إسماعيل لإعادته إلى حظيرته، وأسند له في معيته وظيفة كانت تسمى «خزينه دار»، فجعل صاحب الترجمة عنوانها «خازن خديوي» ترجيحا للغة العربية التي كانت قد أخذت تنازع التركية وتسترد منها مكانتها في الرجحان، وكان ذلك في سنة 1286، ولكن ماهيته نزلت إلى 60 جنيها، ولم يكن صاحبنا من عباد المال وإنما كانت كل أمانيه ترمي إلى خدمة الأوطان بغير نظر إلى قيمة الأجر الذي يتناوله في آخر الشهر.
وفي سنة 1287 نال رتبة الروم ايلى بكلر بكى، وزادت ماهيته 75 جنيها (وهو مرتب الرتبة المذكورة)، وأرسله إسماعيل في مهمة سياسية إلى مقر السلطنة بالقسطنطينية.
فلما عاد منها صدر الأمر العالي بتعيينه مستشارا لرياسة المجلس المخصوص (وهو الذي خلفه مجلس النظار في النظام الحديث للحكومة المصرية إلى هذا العهد الحاضر). وصار مرتبه 125 جنيها، ومن هذه الوظيفة ارتقى إلى وظيفة مدير المدارس والأوقاف 22 رجب سنة 1290، وانضمت إليه وظيفة مستشار الداخلية ورياسة المجلس الحسبي أيضا في السنة التالية، ثم صار ناظرا للخارجية فالزراعة (وكانت هذه النظارة قد أنشئت في سنة 1292)، فالحقانية (ومن ذلك العهد أضيفت على ماهيته مصاريف للضيافات والجمعيات وقدرها 125 جنيها في الشهر، فبلغ مجموع ما يتناوله 250 جنيها)، فالمدارس فالتجارة فالزراعة (وصارت ماهيته 250 جنيها في الشهر). وكانت هذه الدواوين تابعة للمعية مباشرة، على غير النظام المعهود الآن في مجلس النظار، فإنه لم يتأسس إلا في سنة 1878 ميلادية.
وهنا مجال لاستطراد لا أراه خارجا عن الموضوع؛ لأن رياض باشا هو عبارة عن صحيفة كبيرة من تاريخ مصر الحديث، بل قد كانت له اليد الطولى والباع الكبرى في تحويل نظام الإدارة المصرية ووضع كثير من القواعد التي جرى عليها نظام البلاد الجديد.
كانت إدارة الحكومة في مصر منوطة بالخديو رأسا، وإنما يعاونه (إن صح التعبير) جماعة من أرباب المناصب العالية، كالذوات الكرام، على اصطلاح تلك الأيام، وقد وضعهم الخديو على رءوس الدواوين، ومرجع كل واحد منهم إليه مباشرة وبصفة فردية أي بغير اجتماع وبلا تضامن. وعند حلول الخطوب، كان الخديو يستشير هيئة تتألف من أولئك الرؤساء ومن غيرهم، وتلك الهيئة هي التي كانت تسمى بالمجلس المخصوص، وفي هذه التسمية بيان كاف لمعرفة المسمى ومقدار سلطته الفعلية، فكان هذا المجلس يتألف من نظار الدواوين ورؤساء بعض المصالح الكبيرة ومن بعض أعضاء آخرين يكونون فيه بمثابة وزراء بلا مساند: “Ministres sans portefeuille”
Halaman tidak diketahui