مهجتي في رضاك؛ ولو لم تجزني لم يكن ذلك عندي عظيمًا ولا واجبًا على الملك؛ ولكن لكرمه وشرف منصبه عمد إلى مجازاتي؛ وخصني وأهي بيتي بعلو المرتبة ورفع الدرجة؛ حتى لو قدر أن يجمع لنا بين شرف الدنيا والآخرة لفعل. فجزاه الله عنا أفضل الجزاء.
قال أنوشروان: اذكر حاجتك، فعلى ما يسرك. فقال بروزيه: حاجتي أن يأمر الملك، أعلاه الله تعالى، وزيره بزرجمهر بن البختكان؛ ويقسم عليه أن يعمل فكره، ويجمع رأيه، ويجهد طاقته، ويفرغ قلبه في نظم تأليف كلامٍ متقنٍ محكمٍ؛ ويجعله بابًا يذكر فيه أمري ويصف حالي؛ ولا يدع من المبالغة في ذلك أقصى ما يقدر عليه. ويأمره إذا استتمه أن يجعله أول الأبواب التي تقرأ قبل باب الأسد والثور: فإن الملك إذا فعل ذلك فقد بلغ بي وبأهلي غايةً الشرف وأعلى المراتب؛ وأبقى لنا ما لا يزال ذكره باقيًا على الأبد حيثما قرئ هذا الكتاب.
1 / 54