الرجل موضع سره، وكيف ينبغي أن يطلع عليه صديقه، والخامسة أن يكون على أبواب الملوك أديبًا ملق اللسان. والسادسة أن يكون لسره وسر غيره حافظًا. والسابعة أن يكون على لسانه قادرًا، فلا يتكلم إلا بما يأمن تبعته. والثامنة إن كان بالمحفل لا يتكلم إلا بما يسأل عنه. فمن اجتمعت فيه هذه الخصال كان هو الداعي الخير إلى نفسه. وهذه الخصال كلها قد اجتمعت فيك، وبانت لي منك. فالله تعالى يحفظك، ويعينك على ما قدمت له؛ فمصادقتك إياي، وإن كانت لتسلبني كنزي وفخري وعلمي، تجعلك أهلًا لأن تسعف بحاجتك، وتشفع بطلبتك، وتعطي سؤلك.
فقال له بروزيه: إني كنت هيأت كلامًا كثيرًا، وشعبت له شعوبًا؛ وأنشأت له أصولًا وطرقًا؛ فلما انتهيت إلى ما بدأتني به من إطلاعك على أمري والذي قدمت له، وألقيته على من ذات نفسك، ورغبتك فيما ألقيت من القول، اكتفيت باليسير من الخطاب
1 / 48