Suetonius ؛ بل و«دانتي»
Dante
لا يقبلون أيا من النظرتين على علاتها؛ بل يقبلونهما معا وباحتراز وحذر! أي أن ثم فريقا من الكتاب الذين يدركون طبيعة المشكلة في المسرحية، ومن ثم يهيئون لنا الإطار العام للتفسير الحديث لها، وهي أنها ليست تراجيديا بالمعنى الكلاسيكي، ولكنها مسرحية مشكل، لها بطلان رئيسيان هما قيصر وبروتس، ويدور في فلكهما عدد من الشخصيات التي تثري كلا منهما بخصائص نفسية ودرامية تؤدي - في رأيي - إلى نوع من الجدلية الدرامية يندر أن نجدها في أي من مسرحيات شيكسبير الأخرى. وإذا كنت أقبل نظرته الأساسية - هو وسواه - أي أن يوليوس قيصر مسرحية مشكل، فإنني أود أن أوضح للقارئ العربي ما أعنيه من أنها تقوم على جدلية درامية تجعل من الصراع الدرامي حلقات متداخلة لا تنتهي بنهاية المسرحية!
إن صورة قيصر كما تبرز لنا في المسرحية تتكون من عناصر متعاقبة - كما سبق أن ذكرت - وهي عناصر لا تجتمع لترسم صورة موحدة، بل ترسم عدة صور متشابكة ومتناقضة في الوقت نفسه. ويقع المشهد الافتتاحي بعد عودة قيصر مباشرة من الحرب الأهلية التي انتصر فيها على «جنايوس»
Gnaeus
و«سكستوس»
Sextus
ابني بومبي في معركة «موندا»
Munda
عام 45ق.م. ولا بد أن شيكسبير كان يفترض إحاطة الجمهور بالخلفية التاريخية التي يقع في إطارها هذا المشهد، بل والمسرحية كلها، ومن ثم يكون لحديث الضابطين «فلافيوس» و«مارولوس» معنى؛ فهما يعترضان على خروج الأهالي للاحتفال بعودة قيصر من الحرب لأنها لم تكن من غزوات النصر، بل كانت جزءا من الحرب الأهلية التي استمرت عدة سنوات سفكت فيها دماء الرومان بأيدي الرومان، وانتهت بإعلان قيصر دكتاتورا، وهي كلمة تخلو من الدلالة السيئة المرتبطة بها اليوم، بل تدل وحسب على أن من حقه تعيين جميع موظفي الدولة. وهما يعترضان على احتفال الأهالي بعودته أيضا من باب الولاء لبومبي، وخوفا من المستقبل الذي ينفرد فيه قيصر بالحكم بعد هزيمة «بومبي»
Halaman tidak diketahui