Geografi Politik
الأصول العامة في الجغرافيا السياسية والجيوبوليتيكا: مع دراسة تطبيقية على الشرق الأوسط
Genre-genre
وموقع إيطاليا كشبه جزيرة طويلة تمتد داخل البحر المتوسط قد جعلها تنتمي إلى حلف الأطلنطي كوسيلة من وسائل الدفاع المشترك، وترتب على ذلك بروز مهمة وأهمية إيطاليا عندما اعتبرت كقاعدة وركيزة لأساطيل الحلف في البحر المتوسط، وقد كان لانسحاب فرنسا من القيادة العسكرية لهذا الحلف ضعف في القوى البحرية في هذا البحر، وزاد من أعباء إيطاليا البحرية، وفي مقابل ذلك أصبح الأسطول الإيطالي يحظى بنصيب كبير من الدعم والعتاد والتدريب داخل الحلف.
هذا فيما يختص بالدراسة النمطية لإيطاليا، ومن بين مظاهر البناء والتركيب الجيوبوليتيكي في إيطاليا نجد المشكلات التالية ... (3-1) مناطق التركيز السكاني والاقتصادي
يتركز في حوض نهر البو في شمال إيطاليا: (أ) الصناعة. (ب) معظم مناطق الإنتاج الزراعي. (ج) نسبة لا بأس بها من السكان مع كثافة سكانية عالية. ولقد كان لوقوع هذا الحوض على أطراف الألب أثره في حصول الإقليم ككل على مصدر اقتصادي للطاقة المولدة من المساقط المائية والسدود، وفي هذا يجب أن نأخذ في الاعتبار فقر إيطاليا الطبيعي في مصادر الفحم الحجري بأنواعه، وإلى جانب ذلك نجد أن حوض البو يرتبط بواسطة مجموعة من الممرات الطبيعية والأنفاق الاصطناعية بقلب أوروبا وشمالها عبر جبال الألب، ومن ثم كان لهذا أثره الواضح في سهولة الاتصال والتجارة مع شمال وغرب أوروبا، وعلى هذا فإن مجموعة من الظروف الطبيعية المرتبطة بالموقع وعلاقات المكان والمناخ الملائم والتربة الفيضية والمساقط المائية قد أدت إلى أن يصبح شمال إيطاليا عامة مركز الثقل الإنتاجي الزراعي والصناعي والتجاري والسكاني والحضاري، وذلك على عكس بقية إيطاليا التي تتكون من عدة أحواض نهرية صغيرة تمثل جيوبا تمتد في وسط وحول سلسلة جبال الأبنين فضلا عن المناخ غير المنتظم وقلة المياه لمدة طويلة خلال الصيف.
وبطبيعة الحال تزداد الحالة سوءا كلما توغلنا جنوبا في شبه الجزيرة الإيطالية حتى نصل إلى أسوأ الظروف - بالنسبة لإيطاليا - في أقصى الجنوب وصقلية. (3-2) العاصمة
روما مدينة كبيرة ذات تاريخ طويل، لكنها اليوم تقع بعيدة عن القلب الاقتصادي والسكاني لإيطاليا، وفضلا عن ذلك فإنه لا يوجد في إقليم روما المحيط بها أي مصدر من مصادر العمالة الصناعية؛ ولهذا فإن الحياة الاقتصادية في روما تقوم على العمالة الحكومية والإدارية والسياحة وصناعة السينما، وعدد من الصناعات الاستهلاكية كالملابس والأزياء والأغذية.
وقد ترتب على عدم وجود العمالة الصناعية ضعف بارز في الانتماءات السياسية اليسارية عامة في منطقة روما، هذا إلى جانب وجود دولة الفاتيكان التي تؤثر - بطريقة أو أخرى - على تدعيم الأجنحة السياسية المعادية لليسار الإيطالي، وترتب على هذا أيضا أن منطقة روما أهدأ كثيرا من مناطق الشمال الصناعية اليسارية، ومن مناطق الجنوب الكثيرة القلاقل بسبب الفقر الذي يؤدي بالسكان إلى التطرف الأيديولوجي بين أقصى اليسار وأقصى اليمين. (3-3) الحدود الإيطالية
لقد ظلت حدود إيطاليا الشمالية مصدرا من مصادر عدم الاستقرار السياسي المستمر؛ مما كان يؤدي إلى تذبذب خط الحدود، وبعد الحرب العالمية الثانية كان أكبر تعديل في حدود إيطاليا هو ذلك الذي انتاب المنطقة الشمالية الشرقية حينما أعطيت يوجسلافيا شبه جزيرة إستريا وميناء أحرا في تريستا منذ عام 1953، وفي منطقة الحدود الفرنسية الإيطالية عدلت الحدود في مساحات ضيقة لصالح فرنسا، وكانت المناطق التي انتابها التعديل هي: ممر سان برنار الصغير الذي يشرف على طريق بريانسون-مودانا، هضبة مون كنيس التي تشرف على تورينو وتمدها بالطاقة المائية، ومنطقة تند بريجا التي تمد محطاتها المائية السكك الحديدية الإيطالية بالطاقة الكهربائية في منطقة ليجوريا والبيدمونت الجنوبية.
وكل هذه المناطق في الواقع كانت المراكز التي هاجمت منها القوات الفاشية الإيطالية جنوب فرنسا خلال بدايات الحرب الثانية، ومن ثم فإن استيلاء فرنسا عليها كان وسيلة من وسائل تأمين حدودها استراتيجيا.
وأخيرا فإن مشكلة التيرول الإيطالي - وخاصة ألت أديجو - لا تزال تشكل مصدرا من مصادر القلق السياسي بين النمسا وإيطاليا نتيجة وجود عدد كبير من النمساويين في التيرول الذي ضم لإيطاليا بعد الحرب العالمية الأولى. (3-4) مشكلات جنوب إيطاليا
سبق أن ذكرنا أن جنوب إيطاليا يمثل منطقة ضعف اقتصادي وتخلف اجتماعي بالنسبة لشمال إيطاليا، وذلك بالرغم من وجود بعض المشروعات الصناعية التي تقيمها الحكومة في الجنوب لتحسين أحواله الاقتصادية - وهي مشروعات غير مربحة كثيرا إذا نظرنا إليها من ناحية الأماكن الصناعية المثلى - إلا أن أهم مورد اقتصادي للجنوب يتمثل في تصدير الأيدي العاملة إلى شمال إيطاليا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة، وينظر كثير من زعماء الجنوب بعين السخط على شمال إيطاليا الذي يحظى بالنصيب الأوفر من الاستثمارات الصناعية والتجارية.
Halaman tidak diketahui