Judad Wa Qudama
جدد وقدماء: دراسات ونقد ومناقشات
Genre-genre
إني أموت كما عشت عربيا آملا مشوقا، وأود أن تضم جسماني تربة دمشق الطيبة. هناك تهيم روحي في البادية، وتنشق نفحاتها الطاهرة، وتطرب لهدير الوادي. تلك رقدة أشتهيها وأعلل نفسي بها، وأراها خير مكافأة لي إذا كنت مستحقا.»
ومشى إلياس الخطى التي كتبت عليه حتى استولى على أمد العروبة فقال: «وإذا لم تكن عروبة إلا بالإسلام فإنني عربي مسلم مؤمن، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.»
هذا ما كتبه أبو الفضل الوليد معرفا الذرية بشخصيته ونفسيته، أما ما ذيل به أكثر كتبه فهاك بعضه، آملا أن تصدق ما تقرأ، فرفيقي وصديقي إلياس كان غريب الأطوار كما ستعلم حين أتحدث أنا عنه كما أعرفه، أما الآن فلنر رأيه هو في نفسه، قال تحت عنوان «شهادة عدل وكلمة حق»:
أبو الفضل الوليد عبقري نابغة متفرد مندر، أشهر من أن يعرف وأكبر من أن ينعت ويوصف، إن هو إلا الحكيم الأعظم والشاعر الأنظم، وكل ما كتبه يعد من نفائس الأدب العال، وعليه طابع ممتاز من الإجادة والابتكار، ألف في اللغة والتاريخ والأدب والشعر والتمثيل والغناء والنقد والاجتماع والرواية والسياسة والفلسفة، فكان عقله من العقول المحيطة التي لا يخفى عنها شيء ولا يفوتها أمر، فأصبح رب الصناعتين وحامل الرايتين، الحكيم الأخير والفيلسوف الأكبر، وشاعر العرب الأمثل ونجي الملأ الأعلى.
إنه الشاعر الملي، والفيلسوف ذو البصيرة النيرة والسياسي المطلع الخبير، كل بيت من شعره قصيدة، وكل جملة من نثره مقالة، وله في الإنشاء ميزة يفطن لها الأريب فيقر بأنها معجزة.
لقد برز بما ابتكره واحتكره على المتقدمين والمتأخرين، ما كان التهاب فكره وقلبه ونفسه إلا من شعلة سماوية، وليس لهذا الجيل بل للأجيال الآتية أن تفيه حقه وتعرف فضله وقدره، فقد كان ظهوره قبل أوانه، وعلى غير استعداد من أهل زمانه.
إن هذه الشهادة تقرأها في آخر كتبه جميعها، ما عدا «رياحين الأرواح» و«أحاديث المجد والوجد»، وعندما طبع أول ديوان كتب على جلده ما يلي:
رياحين الأرواح الرقين الأول من قصائد الملهم الذي نظم الشعر عقودا، والحكيم الذي ضرب النثر نقودا، صاحب الطرب الأعلى والوطر الأمدي، أشعر من شعر وأكتب من كتب، ملك النثر والنظم، المبداع المجواد السيد أبي الفضل الوليد.
أما جلود دواوين شعره الأخرى فاكتفى لها بوشم شاعر العرب فقط.
لقد انتهى بعض ما قاله أبو الفضل الوليد، وجاء دوري الآن لأقول أنا فيه ما أعرفه، رافقته في مدرسة الحكماء فتصادقنا، ولكني كنت أرى فيه صديقا تخشى بوادره، كان ذا عنجهية، أرستقراطي الطلعة في غنبازه الحريري الذي كان يتفرد بلبسه دوننا، فكأن العروبية فيه طبع لا تطبع، كان أستاذنا الخوري يوسف بو صعب يداوره ولا يجابهه، حتى قال مرة على إثر خروج إلياس من الصف غاضبا: أبوه من بيت طعمة، وأمه من بيت طوبيا، وجدها الشنتيري وكيف تريده لينا مطيعا.
Halaman tidak diketahui