John Locke: Pengenalan Singkat Sangat
جون لوك: مقدمة قصيرة جدا
Genre-genre
لا يزال الوقت الفعلي الذي شرع فيه لوك في كتابة الرسالتين والغرض الذي دفعه إلى ذلك غير واضحين، ومن المحتمل أن يظلا كذلك. كان التحريض عملا خطيرا في إنجلترا خلال القرن السابع عشر، وكان عمله «رسالتان في الحكم»، الذي كتب في خضم أحداث أزمة الإقصاء، عملا شديد التحريض. وبدءا من عام 1683 على الأقل فصاعدا، أظهر لوك قدرا كبيرا من الحيطة والتكتم، لكننا نعرف معلومة أو معلومتين من تفاصيل ما كان يفعله لوك خلال تلك السنوات؛ ففي عام 1680، على سبيل المثال، قضى لوك قدرا لا بأس به من وقته في أوكلي؛ حيث يوجد المنزل الريفي لصديقه جيمس تايرل، الذي نشر هو نفسه عام 1681 هجوما على النظرية السياسية لفيلمر بعنوان «لا سلطة أبوية للملوك». وفي الفترة ما بين عامي 1680 و1682 تقريبا، تعاون تايرل ولوك معا في مخطوطة مطولة (لم تنشر بعد)، يدافعان فيها عن مبادئ التسامح أمام أحد المدافعين الأنجليكانيين البارزين، وهو إدوارد ستيلينجفليت. ومن بين كثيرين، كان تايرل - كما أورد أحد جواسيس الحكومة - هو من أودع إليه لوك «كثيرا من أوراقه» بينما كان يستعد لمغادرة أكسفورد في يوليو عام 1683. وبالنسبة إلى أتباع شافتسبري السياسيين خلال تلك الأعوام، كانت مهمتا الدفاع عن حقوق «المنشقين» السياسية والدينية، ونقد أقوى منظر إنجليزي في مجال الحكم الملكي المطلق، تحظيان بقدر كبير من الأهمية.
عندما هرب لوك من البلاد في أواخر صيف عام 1683 كان قد تجاوز سن الخمسين، ولم يكن قد نشر بعد أي من أعماله المهمة. كان العمل الرئيسي الوحيد الذي ربما نكون موقنين أنه كتب بغرض النشر، «رسالتان في الحكم»، يشكل في ذلك الحين مصدر خطر أكثر منه مدعاة للتفاخر والزهو بالنفس. من ناحية أخرى، مع أن المنفى كان بغيضا وخطيرا في بعض النواحي، فقد أتاح له عددا من الفرص التي من بينها أنه كون العديد من الصداقات، بعضها كان صداقات حميمة للغاية، وسط مجتمع التجار الإنجليز وعلماء اللاهوت الهولنديين، وبين اللاجئين الفرنسيين البروتستانت بعد إلغاء «مرسوم نانت» عام 1685. ومن الفرص الأخرى التي أتاحها له المنفى، أنه وفر له الوقت الكافي للتفكير بأسلوب منهجي ومسهب، دون الخوض في الأحداث السياسية المباشرة المشتتة للانتباه. ربما لم يكن لوك يتمتع بصحة جيدة، ولم تكن احتمالات نجاحه الدنيوية واعدة، لكنه وجد على الأقل الفرصة ليحشد طاقاته ويترك إرثا قيما للأجيال القادمة؛ وفي غضون تلك السنوات كتب كلا من «مقال في الفهم البشري»، و«رسالة في التسامح».
في عام 1688 تحسنت احتمالات نجاحه الدنيوية تحسنا كبيرا مع وفود البروتستانتي ويليام - أمير أورانج - إلى إنجلترا، وهروب الملك جيمس الثاني الذي كان ينتمي إلى طائفة الروم الكاثوليك. وفي مطلع عام 1689، عاد لوك إلى إنجلترا، وطبعت خلال ذلك العام أعماله الثلاثة الكبرى؛ ظهر عملان منها بلا اسم؛ فقد نشر كتاب «رسالة في التسامح» باللغة اللاتينية أولا في هولندا خلال شهر أبريل، ثم أعيد نشره باللغة الإنجليزية في لندن خلال شهر أكتوبر، كما نشر كتاب «رسالتان في الحكم » في لندن في نهاية هذا العام. لكن صدر عمل واحد، هو «مقال في الفهم البشري»، في منتصف ديسمبر في مجلد كبير فخم يحمل اسم لوك بكل وضوح في صفحة العنوان، وكان هذا هو باكورة الأعمال البارزة المنشورة له.
في الأعوام الخمسة عشر الأخيرة في حياته، قبل وفاته في عام 1704، ظلت التزاماته في تنوع مستمر كشأنها دائما، وبعضها كان سياسيا في أضيق مفهوم، مثل: تعزيز الموقف الدستوري والسياسي لويليام، وإعادة تنظيم العملة الإنجليزية، وتأسيس نظام ائتماني فعال للدولة الإنجليزية من خلال بنك إنجلترا الجديد، وتأسيس المعاهد التي تستطيع الحكومة من خلالها أن تمارس مسئولياتها على نحو أكثر فاعلية من أجل ازدهار التجارة الخارجية الإنجليزية. كان للوك نفسه دور فاعل في كل عمل من تلك الأعمال؛ إذ كان منهمكا في الأعمال الثلاثة الأخيرة بوصفه مستشارا فكريا جديرا بثقة رجال الدولة البارزين، وفي مجال التجارة الخارجية بوصفه موظفا عموميا في «مجلس التجارة» الجديد يحصل على مكافآت باذخة. وكانت كل مهمة من تلك المهام هي بقدر ما تنفيذا لبرنامج شافتسبري في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات من القرن السابع عشر، وهو برنامج للإمبريالية التجارية الممنهجة للغاية التي لم تكن تحظى باهتمام إنجليزي إلا في نطاق محدود. أما فيما يتعلق بالترتيبات القانونية والسياسية لتسوية مطالبات الثورة المجيدة، فقد لعب فيها لوك دورا أكثر حصافة وأقل تأثيرا للغاية. يبدو أيضا أن المحصلة النهائية في القضية المحورية المتعلقة بالإصلاح الدستوري وزيادة النفوذ السياسي للمجلس التشريعي المنتخب، كانت على الأرجح أبعد ما يكون عن أمنياته، على عكس الحال مع المحصلة النهائية للسياسة النقدية أو المالية أو الاقتصادية؛ وربما الأهم أنه من الجلي أيضا أن الشكل السياسي لتسوية مطالبات الثورة شغل وجدانه ومعتقداته على نحو فاق كثيرا التفاصيل الفنية للسياسة الاقتصادية للحكومة، وأنه رأى أهمية الشكل السياسي لتسوية مطالبات الثورة في سياق أوسع نطاقا وأقل تعصبا بكثير.
بدأ لوك يرى في خضم الجدل الدائر حول حركة الإقصاء - ولاحقا في هولندا في الصحبة المتسامحة والمحنكة للتجار، وعلماء اللاهوت الأرمينيين الهولنديين، وبعض اللاجئين الهوجونوت الأصغر سنا - أن ثمة علاقة وطيدة تربط مصالح الحركة البروتستانتية الأوروبية بمصالح الحرية السياسية. وجاء الاستبداد الكاثوليكي للملك لويس الرابع عشر - بالتهديد العسكري المباشر للدول البروتستانتية الباقية، والالتزام الشديد بالتوحيد الديني - ليجسد على الجانب السياسي كل ما مقته لوك؛ الالتباس الشديد بين غرور البشر وطموحهم وفسادهم، وبين مقاصد الله. وما إن انضم لوك إلى حاشية شافتسبري حتى تبدلت آراؤه بشأن التسامح مع «المنشقين» عن الكنيسة الرسمية، لتصير توجها أقل صرامة وأكثر عملية. وفي السنوات اللاحقة تراجع الفصل والتمييز، وبدأ لوك يرى (والأهم أنه بدأ يشعر) أن التسامح لم يعد قضية تتعلق بسياسة الدولة، وإنما صار تدريجيا قضية تتعلق بحقوق الإنسان الفرد. وفي المنفى لاحظ لوك بخوف متزايد على مدار ست سنوات تقريبا، أن مستقبل أوروبا السياسي والثقافي - بل وربما مستقبلها الديني أيضا - يسير نحو نتيجة غير واضحة بينما انتقلت السلطة الملكية الإنجليزية إلى ملك كاثوليكي، وفيما هدد لويس الرابع عشر بالاستيلاء على آخر المعاقل الكبرى للبروتستانتية الأوروبية في هولندا، وألغى مرسوم نانت، وانشغل بسحق كنيسة الهوجونوت (المسيحيين الفرنسيين)، وإرغام أتباعها البائسين على اعتناق العقيدة الكاثوليكية بالمعنى الحرفي للإرغام (هذا الحدث الأخير كان مأساويا بدرجة هائلة.) سطر لوك عمله «رسالة في التسامح» كرد فعل على تلك الأحداث، لدرء خطر أوروبي لا خطر إنجليزي فحسب، وقد نشر هذا العمل - على خلاف الكتب الأخرى التي نشرها إبان حياته - باللغة اللاتينية أولا، وهي اللغة التي لم تكن تزال تعتبر اللغة العالمية للمفكرين الأوروبيين.
شكل : أول دفاع علني للوك عن حق التسامح الديني. لاحظ النسخة المنشورة في هولندا (التي لم تكن تحمل اسمه)، والإهداء المتحفظ إلى صديقه ليمبورخ، والإقرار المكتوب باللغة اللاتينية بهويته كمحب للسلام وكاره للاضطهاد، وكرجل إنجليزي، وهو إقرار صاغه على القدر نفسه من التحفظ الذي كان عليه الإهداء.
بحلول عام 1689 حملت «الرياح البروتستانتية» ويليام أمير أورانج بسلام عبر القنال الإنجليزي، وأخيرا بدأت كفة الميزان المحبذة لدى لوك ترجح. ترجم كتاب «رسالة في التسامح» إلى الإنجليزية على يد ويليام بوبل، وهو تاجر من أنصار الحركة التوحيدية، وكما رأينا، فقد نشر في إنجلترا في وقت لاحق من العام نفسه الذي نشر فيه في هولندا. كان الكتاب أكثر تطرفا بكثير من حيث إصراره على أن أية محاولة للتدخل البشري في المعتقدات أو العبادة الدينية هي اجتراء سافر يصل إلى حد الكفر، مقارنة بحديثه عن الإعفاءات المتواضعة عن «المنشقين»، التي ظن ويليام وحكومته أن من الحكمة تقديمها. وفي أبريل من العام التالي، تعرض الكتاب لهجوم مسهب في عمل مطبوع كتبه جوناس بروست - أحد رجال الدين من أكسفورد - ليكون بذلك أول عمل من أعمال لوك يلقى هذا الشرف. وخلال السنوات القليلة التالية، نشر لوك عملين مفصلين ردا على بروست، وأعقب هذا رد آخر من بروست نفسه.
لكن لوك لم يصر فقط على عدم إفشاء أمر تأليفه لكتابيه «رسالة في التسامح» و«رسالتان في الحكم»، بل كان أيضا يصاب بحالة هيستريا شديدة عندما كان أصدقاؤه يهددونه - قصدا أو سهوا - بكشف أمره. حتى ليمبورخ الذي كان لوك وفيا له من صميم قلبه، تعرض لتوبيخ شديد من لوك لاعترافه إلى أصدقاء مشتركين لهما في هولندا بأمر تأليف لوك لكتاب «رسالة في التسامح»، ونال تايرل التعيس، الذي كانت علاقة لوك به تزداد توترا، حظه من التأنيب؛ حيث وبخه لوك بعنف بسبب نسبه المقالين إليه. وحتى وقت متأخر من عام 1698، رفض لوك بعناد (مع أنه كان يمر حقا بظروف مضطربة للغاية على نحو يتعذر إنكاره)، أن يعترف كتابيا - ولو حتى لواحد من أقرب أصدقائه وأكثرهم ائتمانا، وهو ويليام مولينيو - أنه فعلا صاحب كتاب «رسالتان في الحكم»، ومما لا شك فيه أنه بحلول ذلك الوقت كانت مسألة تأليفه هذين العملين معروفة للجميع. من الواضح - ليس فقط من منطلق شروط وصيته، لكن أيضا من منطلق بعض مواقف الإطراء على الذات التي كانت تحدث على استحياء ملحوظ (أعمال جون لوك، المجلد الرابع) - أنه استمر يجيز حتى مماته على الأقل الضروريات التي تقتضي مناقشة حججها؛ فضلا عن ذلك، فقد أشرف بعناية على طباعة طبعة ثانية من كتاب «رسالتان في الحكم» عام 1694، وعمل باجتهاد وجدية على إصدار طبعة أخرى تضم بعض الإضافات المهمة التي لم تظهر إلا بعد وفاته.
شكل : ترهيب الهوجونوت: محور التركيز الأساسي ومدعاة التأليف الأولى لأول عمل منشور يدافع فيه لوك عن حق التسامح الديني.
نشر لوك أيضا خلال تلك السنوات عددا من الأعمال الأخرى ذات الأهمية؛ تناول اثنان منها - نشرا عامي 1691 و1695 - موضوع نظام سك العملة، وصدر عمل ثالث بعنوان «آراء في التربية» عام 1693، وطبعت منه خلال السنوات القلائل التالية ثلاث طبعات. ظهر هذا العمل في الأساس في صورة سلسلة من الخطابات المفصلة إلى أحد الأصدقاء، وهو رجل من طبقة النبلاء يدعى إدوارد كلارك من سومرست، وزوجته ماري، مقدما لهما النصيحة بشأن صحة أطفالهما وتنشئتهم، ويعتبر هذا العمل من أكثر أعمال لوك سهولة واستساغة، فهو يعرض وجهة نظر موضوعية على نحو ملحوظ حول التطور النفسي للأطفال على المستويين الفكري والأخلاقي. وبالإضافة إلى ما يلقيه هذا العمل من ضوء على مفهوم لوك حول الكيفية التي يصير بها الإنسان كائنا مفعما بالإنسانية (عن طريق تعلم التحكم في رغباته الأقل استحسانا في الأساس)، فعلى ما يبدو أنه حظي أيضا ببعض الأهمية التاريخية من خلال تصويره أساليب الإنجليز في تدريب أطفالهم على استخدام المرحاض، على الأقل بين الطبقات المثقفة. كان إعراض لوك عن الاعتراف بتأليفه تلك الأعمال أقل بالطبع، مع أنه في الواقع لم ينشر أيا منها باسمه في البداية، لكن في عمله الأخير «معقولية المسيحية» الذي ظهر عام 1695، وهو عمل مهم بلا شك، عاد لوك بإصرار إلى تكتمه الشديد؛ وكما اتضح لاحقا، كان لديه سبب وجيه لذلك؛ حيث تبين أن الكتاب كان مثار جدل وخلاف على نحو بالغ، إذ هاجمه جون إدواردز مرتين خلال عامين، مدعيا أنه ينتمي إلى فكر الحركة «السوسينية»؛ وهي حركة غامضة من حركات الهرطقة الأوروبية تؤكد على سلطة العقل والكتاب المقدس، رفضت عقيدة «التثليث»، وجعلها إدواردز هي والإلحاد على حد سواء. رد لوك على هذين الهجومين في «دفاعين» لا يحملان اسمه، ويشوبهما الخداع إلى حد ما، وما زاد الأمور سوءا أنه تعرض للهجوم مرة أخرى عام 1696 لأسباب مشابهة، لكن هذه المرة على يد خصم أكثر شراسة، وهو إدوارد ستيلينجفليت شخصيا، المدافع الأنجليكاني عن التعصب الديني، الذي تعاون لوك وتايرل معا لدحض آرائه إبان الجدل الدائر خلال أزمة الإقصاء، والذي كان في ذلك الوقت أسقف ووستر.
Halaman tidak diketahui