Pulau Rhodes: Geografinya, Sejarahnya, dan Artifaknya, Disusul oleh Ringkasan Sejarah Pulau-pulau Lain di Laut Aegean
جزيرة رودس: جغرافيتها وتاريخها وآثارها، تليها خلاصة تاريخية عن أشهر جزائر بحر إيجه
Genre-genre
وكنت أترقب فرصة يصفو لي فيها الوقت لجمع ما دونته ونشره، فحالت الشواغل دون هذه الأمنية. وفي سنة 1912 استولت إيطاليا على هذه الجزيرة، فذاع يومئذ ذكرها وتحدثت الصحف بأخبارها، فكتبت نبذة أودعتها خلاصة تاريخها ووصف بعض آثارها ونشرتها في مجلة الهلال.
1
وقد رغب إلي الآن بعض الأفاضل ممن رحلوا إليها من عهد قريب في أن أجمع شتات ما كتبته عنها وأطبعه في كتاب تعميما لفوائده؛ إذ لم يعن أحد إلى الآن باستيعاب تاريخها وتدوينه باللغة العربية، فاستعنت بالله في القيام بهذا العمل خدمة للناطقين بالضاد.
ولما كان أهم ما وقع في هذه الجزيرة من الحوادث حصار السلطان سليمان القانوني لها في سنة 1522م، والوقائع الهائلة التي دارت رحاها وقتئذ بين جيشه وبين الفرسان (الشفاليه)؛ فقد ذكرت هذه الوقائع بالتفصيل معتمدا في ذلك على ما ورد في رسالة خطية باللغة التركية دون فيها مؤلفها أخبار ذلك الحصار يوما فيوما، والرسالة المذكورة لم تطبع إلى الآن، ولكنها ترجمت إلى اللغة الفرنسية؛ لأهميتها وما حوته من التفاصيل الوافية.
ولم أقتصر في ما دونته بهذا الكتاب على ذكر الحوادث التاريخية، ووصف المعاهد والآثار، بل تخلل ذلك مباحث شتى عن الأمم التي وفدت على بلاد اليونان في أقدم العصور، وآراء العلماء في أصلهم ومنشأهم، وأول من استعمر منهم هذه البلاد. وساقني الكلام على الآثار والمعابد القديمة إلى البحث في أساطير اليونان، وذكر أشهر معبوداتهم، ومقارنتها بما يماثلها من معبودات الأمم المتوغلة في القدم، كالمصريين والهنود والآشوريين والبابليين والفينيقيين والفرس والرومان والعرب أيام الجاهلية، وتعريف كل من هذه المعبودات بعبارة موجزة تغني عن مراجعة الكتب المطولة والموسوعات، وأفردت بابا لبيان ما قامت به إيطاليا في رودس من الأعمال العظيمة التي بلغت بها هذه الجزيرة أسمى درجة في النظام والعمران، وختمت الكلام بخلاصة تاريخية عن أشهر الجزائر التي كانت تابعة لولاية بحر سفيد في عهد الحكومة العثمانية، ومنها الجزائر التي استولت عليها إيطاليا، وصدرت الكتاب بخريطة الجزيرة منقولة عن الخريطة الكبيرة التي وضعتها البحرية الإنجليزية في سنة 1841م؛ لأنها وافية البيان وغاية في الدقة والإتقان، وحليته بكثير من الرسوم والمناظر التي تنجلي بها الحقيقة للعيان. والمأمول من أولي الفضل أن يتلقوه بالإقبال والقبول، وحسبي شرفا أنه ثمرة من ثمرات هذا العصر الذي ازدهرت فيه رياض المعارف، في ظل صاحب الجلالة فؤاد الأول ملك مصر المعظم، أبهج الله أيامه، ونشر بالعز والتأييد أعلامه.
جغرافيتها
هذه الجزيرة أشهر جزائر بحر إيجه، وهو الجزء الشرقي من البحر المتوسط المنحصر بين آسيا الصغرى ومملكة اليونان، ويعرف ببحر الأرخبيل، وفي هذا الجزء جزر كثيرة تنقسم بحسب وضعها الجغرافي إلى قسمين كبيرين، أحدهما يشتمل على الجزائر الواقعة في الجانب الشرقي منه، ويطلق على مجموعها اسم «أسبوراد» أي المتفرقة، والثاني على جزائر الجانب الغربي وتسمى «سيكلاد»، ومعناها الدائرة، ورودس من جزائر القسم الشرقي المعروفة بالأسبوراد، وهي مستطيلة الشكل كالسفينة، كما ترى في الخريطة، وطولها 77 كيلومترا، ويختلف عرضها باختلاف شكلها، معظمه بين رأس «لاردوس» ورأس «مونوليتوس»، ويبلغ نحو 37 كيلومترا، ومساحتها 1404 كيلومترات مربعة، وتخترقها طولا سلسلة جبال متعرجة متشعبة أعلاها جبل «تايروس»، علوه 1216 مترا، وكان عليه هيكل عظيم لزفس «جوبتير» كبير الآلهة، ولا تزال آثاره باقية إلى الآن، ويليه في الارتفاع جبل «اكراميتى» وارتفاعه 820 مترا، ثم جبل النبي إيليا وعلوه 790 مترا. وهذه الجزيرة صخرية، لكن فيها أودية خصبة وعيون عذبة وغابات واسعة، وبعض جداول تصب في البحر، وهي معتدلة الإقليم صافية الجو، نقية الهواء لا ينقطع عنها النسيم اللطيف لا صيفا ولا شتاء، وأقصى درجات الحر فيها أيام الصيف 28 درجة مئينية «سنتجراد»، وفي الشتاء لا تتجاوز الصفر غالبا، وغاية ما تصل إليه 5 درجات تحت الصفر، وذلك في النادر جدا. ومهما تربدت السماء وتكاثفت الغيوم، فلا تلبث أن تنقشع وتتبدد فلا يمر فيها يوم إلا وترى الشمس ساطعة والجو صافيا، وجبالها لا يغشاها الثلج ما عدا جبل تايروس، فقد تتجمع على قمته الثلوج، ولكنها لا تلبث أن تذوب متى اشتدت حرارة الشمس.
وقد تغنى الشعراء بمحاسن هذه الجزيرة ووصفوها بالمنيرة والجميلة ووردة الجزائر، وقال عنها أبقراط إن الصيف والشتاء فيها معتدلان، فلا يعرف فيها حر ولا برد، وسبب اعتدال إقليمها وصفاء جوها وقوعها في الجنوب الغربي من آسيا الصغرى، فهي بهذا الوضع في مأمن من الرياح الشمالية الشرقية؛ لأن جبال الأناضول تحول بينها وبين مهاب هذه الرياح ومدارجها، وقد وصفها المتأخرون بما يؤيد أقوال المتقدمين، وحسبنا ما كتبه عنها «لامارتين»،
1
فقد قال إنه لم ير مثلها في صفاء جوها وخصب تربتها، وأنها جمعت من محاسن الطبيعة ما لم يجتمع في غيرها.
Halaman tidak diketahui