98

ولبثا مكانهما صامتين لفترة طويلة. وفجأة لمس كتفها: انظري!

ورفعت عينيها تجاه ما أشار إليه، ورأت ببغاوين صغيرين وقد حطا على يد بوذا اليمنى يؤديان شعائر الغزل.

وسألت سوزيلا بصوت مرتفع: هل توقفت مرة أخرى عند بركة اللوتس؟

ابتسم لها الدكتور روبرت ابتسامة خفيفة وأومأ براسه.

وسأله ويل: وكيف وجدت شيفا بورام؟

أجاب الدكتور: بهيجة ولا يعيبها إلا اقترابها الشديد من العالم الخارجي. هنا يستطيع المرء أن يتجاهل الحماقات المنظمة ويباشر عمله. أما هناك فالعالم الخارجي يخنقك في كل لحظة لوجود أجهزة الاستشعار ومحطات الاستماع وقنوات الاتصال التي لا بد للحكومة من امتلاكها. أنت تسمع العالم الخارجي، وتحسه، وتشمه؛ نعم، تشمه. - هل حدث منذ ما كنت هناك شيء مشئوم فوق العادة؟ - لا شيء فوق العادة في طرفكم من العالم. وكم وددت لو استطعت أن أقول ذلك عن طرفنا منه. - مم تشكون؟ - نشكو جارنا الملاصق، الكولونيل ديبا؛ فأولا عقد اتفاقية أخرى مع التشيك. - مزيد من السلاح؟ - بما قيمته ستون مليونا، ذكر ذلك الراديو هذا الصباح. - وما الداعي؟ - الأسباب المألوفة؛ المجد والقوة، لذة الغرور ولذة تهديد الآخرين، إرهاب واستعراضات عسكرية في الداخل، وغزوات وموسيقى النصر في الخارج. ويؤدي بي هذا إلى البند الثاني من الأخبار السيئة، أمس مساء ألقى الكولونيل خطبة أخرى من خطبه الشهيرة عن راندنج العظمى. - راندنج العظمى؟ ما هذه؟

قال الدكتور روبرت: لك أن تسأل، راندنج العظمى هي الأرض التي حكمها سلاطين راندنج لوبو فيما بين 1447م و1483م. وكانت تشمل راندنج وجزر نيكوبار وثلاثين في المائة تقريبا من سومطرة وكل بالا. أما اليوم فهي تقتصر على مقاطعة الكولونيل ديبا الذي يريد أن يسترد كل ما فقدت بلاده من أراض. - وهل هو جاد؟ - بالوجه المستقيم: كلا، أنا مخطئ . بالوجه الأرجواني المشوه وبأعلى الصوت الذي تدرب - بعد طول مران - على أن يجعله شبيها تماما بصوت هتلر: راندنج العظمى أو الموت! - ولكن الدول الكبرى لن تسمح بقيامها. - ربما لا تحب هذه الدول أن تراه في سومطرة. أما بالا؛ فذلك أمر آخر. ثم هز رأسه وواصل الحديث: بالا - لسوء الحظ - لا ذكر لها في أي سجل. نحن لا نريد الشيوعيين، ولا نريد كذلك الرأسماليين. ونمقت أشد المقت التصنيع الكامل الذي يسعى أولئك وهؤلاء إلى فرضه عليها؛ لأسباب مختلفة بطبيعة الحال؛ فالغرب يريد ذلك لأن أجور العمل منخفضة ومن ثم فإن أنصبة المستثمرين مرتفعة. والشرق يريده لأن التصنيع يخلق طبقة البروليتاريا، ويفتح ميادين جديدة للثورة الشيوعية وقد ينتهي إلى إنشاء ديمقراطية شعبية أخرى. ونحن نقول لا لكما؛ ولذلك فنحن لا نكتسب شعبية في أي مكان. إن الدول العظمى كلها - بغض النظر عن أيديولوجياتها - قد تؤثر بالا محكومة من راندنج بما فيها من حقول البترول على بالا مستقلة بغير هذه الحقول. وإذا ما هاجمنا ديبا قالت هذه الدول إن الموقف يرثى له، ولكنها لا ترفع إصبعا. وإذا ما استولى علينا ودعا رجال البترول لدخول البلاد فاضوا سرورا.

سأل ويل: وماذا يمكنكم أن تفعلوا بالكولونيل ديبا؟ - لا شيء غير المقاومة السلبية. ليس لدينا جيش وليس لنا أصدقاء أقوياء. في حين أن الكولونيل لديه الجيش والأصدقاء الأقوياء. أكثر ما نستطيع أن نصنعه إذا بدأ يثير المتاعب أن نلجأ إلى الأمم المتحدة. وفي نفس الوقت نحتج لدى الكولونيل على هذه الإفاضة في الحديث أخيرا عن راندنج العظمى. نحتج عن طريق وزيرنا في راندنج لوبو. ونحتج في وجه الرجل العظيم شخصيا عندما يقوم بزيارته الرسمية لبالا بعد عشرة أيام. - زيارة رسمية؟ - بمناسبة الاحتفال ببلوغ راجا الصغير سن الرشد، وجهت إليه الدعوة منذ زمن بعيد، ولكنه لم يخطرنا مؤكدا تلبية الدعوة أو رفضها. واليوم تقرر الأمر نهائيا؛ فسوف نعقد مؤتمر قمة كما نحتفل بعيد الميلاد. ولكن دعنا الآن نتحدث فيما هو أجدى، كيف حالك اليوم يا مستر فارنبي ؟ - حالتي ليست جيدة فحسب، إنها رائعة. ولقد شرفت اليوم بزيارة من ملككم الذي يسود بلادكم؟ - موروجان؟ - لماذا لم تخبرني أنه ملككم الذي يسود بلادكم؟

وضحك الدكتور روبرت وقال: لو فعلنا فربما طلبت المقابلة.

ولكني لم أطلبها لا معه ولا مع الأم الملكة. - وهل أتت الراني كذلك؟ - بوحي من صوتها الضعيف. ولقد أرشدها صوتها الضعيف بالتأكيد إلى العنوان الصحيح. إن رئيسي، جون ألديهايد، من أعز أصدقائها. - وهل أخبرتك بأنها تحاول أن تأتي برئيسك هنا لاستغلال ما عندنا من بترول؟ - نعم بالتأكيد. - رفضنا عرضه الأخير منذ أقل من شهر. هل علمت بذلك؟

Halaman tidak diketahui