95

وأومأ ويل رأسه إيجابا دون أن ينبس ببنت شفة. - لأنك كنت رجلا مهذبا - فيما أحسب - والرجل المهذب يبر بوعده. - لهذا السبب العتيق من ناحية، ولأني كنت أحبها من ناحية أخرى. - هل كنت فعلا تحبها؟ - نعم، لا، لست أدري. ولكني في ذلك الحين كنت أدري، أو على الأقل ظننت أنني أدري. كنت على اقتناع تام أنني أحبها فعلا. وكنت أعلم - ولا زلت أعلم - سبب اقتناعي. كنت شاكرا لها فضلها لأنها استأصلت تلك الديدان. ثم إني احترمتها كما اعترفت لها بالجميل. كنت أعجب بها، ولقد كانت أفضل وأشد إخلاصا مني. ولكنك - لسوء الحظ - مصيبة؛ «فأخت الرحمة» ليست مثل «زوجة للحب». ولكني كنت على استعداد لأن أقبل مولي بشروطها لا بشروطي. كنت مستعدا للاعتقاد بأن شروطها أفضل من شروطي.

وبعد صمت طويل سألته سوزيلا: ومتى بدأت في علاقاتك الجانبية؟

وابتسم ويل في سخرية وقال: بعد ثلاثة أشهر من زواجنا. وكانت المرة الأولى مع إحدى السكرتيرات في المكتب. يا إلهي، لكم كانت مدعاة للسأم! ثم مع مصورة شابة، فتاة يهودية صغيرة فظة كانت مولي قد عاونتها بالمال حينما كانت تدرس الفن على منحة سليد.

5

وقد تعودت أن أزورها بمرسمها مرتين كل أسبوع، من الخامسة حتى السابعة. ولم تعرف مولي ما كان يدور بيننا إلا بعد ثلاث سنوات تقريبا. - وأزعجها ذلك فيما أظن؟ - أكثر مما كنت أتوقع. - وماذا فعلت؟

قال ويل وقد هز رأسه: من هنا بدأت الأمور تتعقد. لم يكن في نيتي أن أتخلى عن قضاء ساعات الكوكتيل مع راشيل. ولكني كنت ساخطا على نفسي لأنني سببت لمولي الشعور بالتعاسة. وفي نفس الوقت كنت أمقتها لهذه التعاسة التي أحست بها. وساءتني آلامها كما ساءني الحب الذي جلب عليها الآلام. وشعرت أنها بآلامها وحبها لم تنصفني، بل كانت تهددني لترغمني على التخلي عن لهوي البريء مع راشيل؛ فلقد كانت بالمبالغة في حبي وبالشقاء الذي تحسه إزاء ما كنت أفعل - وهو ما حملتني هي حقا على فعله - تضغط علي، وتحاول أن تقيد حريتي، ولكنها كانت أثناء ذلك تعسة حقا. ومع أني كنت أمقتها لتهديدها لي بهذه التعاسة فقد أشفقت عليها كل الإشفاق؛ وأعني الإشفاق لا الرحمة؛ فالرحمة مشاركة في الألم، وأما ما كنت أريده بأي ثمن فهو أن أتحاشى الألم الذي كانت تسببه لي معاناتها، وأن أتجنب التضحيات المؤلمة التي أستطيع أن أنهي بها ما تعاني. فكانت استجابتي للموقف هي الإشفاق، آسف لها من خارجي؛ إن كنت تدركين ما أعني، آسف لها كما يأسف المشاهد، أو عاشق الفن أو الخبير بأسباب العذاب. وهذا الإشفاق الذي مصدره التذوق الفني كان يستبد بي كلما بلغت بها التعاسة ذروتها حتى لقد كدت أظنه حبا. أقول «كدت » لأني لم أخدع نفسي تماما. وعندما كنت أعبر عن إشفاقي بالعطف البدني (وهو ما فعلته لأن ذلك كان الوسيلة الوحيدة لإيقاف تعاستها وإيقاف الألم الذي كانت تعاستها تصيبني به ولو إلى حين) كان هذا العطف يبوء بالفشل قبل أن يبلغ ذروته الطبيعية. أقول كنت أبوء بالفشل لأنها كانت - بحكم مزاجها - مجرد «أخت رحيمة» ولم تكن زوجة. ومع ذلك فلقد أحبتني - على كل مستوى خلا المستوى الحسي - بالالتزام المطلق؛ وهو التزام كان يتطلب الرد بالالتزام من جانبي. ولكني لم أرد أن ألتزم، وربما لم يكن ذلك بوسعي في الواقع، فبدلا من أن أشكر لها عطاءها نفسها لي. كنت أشعر بالاستياء؛ فلقد كان لهذا العطاء حقوق علي أن أؤديها، وهي حقوق رفضت أن أعترف بها. وهكذا كنا في نهاية كل أزمة من الأزمات؛ نعود إلى بداية المسرحية القديمة؛ مسرحية الحب الذي يعوزه الحس يكلف بالالتزام إزاء حس يعوزه الحب، فيثير ردود أفعال مختلطة بشكل عجيب من الإثم والسخط، والإشفاق والامتعاض، وأحيانا من البغض الفعلي (وهناك دائما إحساس دفين بتأنيب الضمير). وكانت تصاحب ذلك في جميع الحالات وتسير معه في تناغم سلسلة من الأماسي المختلسة أقضيها مع «المصورة الصغيرة الفظة».

قالت سوزيلا: أرجو أن تكون على الأقل قد استمتعت بهذه الأماسي.

هز كتفيه وقال: بدرجة معتدلة؛ فإن راشيل لم تنس قط أنها مثقفة. تسألك عن رأيك في بيرودي كوسيمو

6

في أحرج اللحظات. أما المتعة الحقيقية - والعذاب الحقيقي بطبيعة الحال - فلم أعرفها حتى ظهرت بابز على مسرح حياتي. - ومتى كان ذلك؟ - منذ أكثر قليلا من عام، في أفريقيا. - أفريقيا؟ - بعث بي إلى هناك جو ألديهايد. - ذلك الرجل الذي يملك الصحف؟ - وغير ذلك. وكان متزوجا من إيلين عمة مولي. وكان فوق ذلك رب أسرة مثالي. ومن أجل ذلك كان على ثقة تامة من استقامته حتى حينما كانت تشغله العمليات المالية المشينة. - وأنت تعمل لحسابه؟

Halaman tidak diketahui