وقالت الفتاة: ففيم إذن هذه الضجة؟
ولم يكن في نغمتها حقد أو سخرية، ولا أقل إشارة إلى ملامة، إنما كانت توجه إليه سؤالا سهلا صريحا يتطلب ردا سهلا صريحا، أجل، فيم كانت كل هذه الضجة؟ إن الحية لم تلدغه، وعنقه لم يندق. ومهما يكن من أمر فكل ما حدث قد وقع بالأمس. أما اليوم فهناك هذه الفراشات، وهذا الطائر الذي يدعو إلى الانتباه، وهذه الفتاة التي تحدثت إليه مؤنبة ناقدة، وبدت كالملاك مما جاء ذكره في الأساطير العجيبة وعلى بعد خمس درجات من خط الاستواء، واسمها - صدقت أم لم تصدق - ماك فيل.
وضحك فارنبي بصوت عال.
وصفقت الفتاة بيديها وضحكت هي الأخرى. وبعد لحظة شارك الطائر القابع فوق كتفها في الضحك وكأنه شيطان ملأ الوادي بجلجلة صوته الذي رددت صداه الأشجار وكأن العالم بأسره قد انشطر نصفين من هذه المهزلة الكبرى؛ مهزلة الوجود.
الفصل الثالث
وفجأة سمع ويل فارنبي صوتا عميقا يعلق على ما حدث ويقول: يسرني أن كل ما وقع إنما يدعو إلى الضحك.
وتلفت ويل خلفه ورأى رجلا صغير الحجم نحيلا في زي أوروبي ويحمل حقيبة سوداء، وابتسم الرجل لويل. وقدر ويل أن الرجل في أواخر خمسينياته. وكانت فوق رأسه قبعة من القش تخفي تحتها شعرا أبيض غزيرا، وأنفه عجيب الشكل يشبه المنقار، وعيناه زرقاوان لا تتفقان مع وجهه الأسمر.
ونادته ماري ساروجيني صائحة: جدي!
وتلفت الرجل الغريب من ويل إلى هذه الطفلة.
وسألها: مم تتعجبين؟
Halaman tidak diketahui