Jawhar Insaniyya
جوهر الإنسانية: سعي لا ينتهي وحراك لا يتوقف
Genre-genre
عرفنا وجود تشابه بنسبة 95٪ باستخدام طريقة تدعى التهجين.
26
كما ذكرنا في الفصل السابق فإن تفسيري للاختلاف الجيني الموجود بنسبة 5٪ تقريبا بين الإنسان والشمبانزي أنه يعكس درجة التنوع في الجينات التي تنتمي لفصائل متشابهة لدى كائنين؛ ومن ثم تؤدي تقريبا الوظائف نفسها، فلا توجد جينات تميز البشر في مقابل جينات تميز الشمبانزي.
27
يختلف رأيي في هذه النقطة عن علماء مثل جارد دياموند، الذي يبدو أنه يعتقد أننا نستطيع العثور على الجينات التي تميز الإنسان في هذا الاختلاف الجيني بينه وبين الشمبانزي الذي يقدر بنسبة 5٪.
28
مع ذلك يجب علي توخي الحذر؛ فرغم أننا أصبحنا الآن نعرف التسلسل الدقيق لمعظم الدي إن إيه البشري، فإن جينوم الشمبانزي لم يعرف تسلسله حتى الآن (فالمشروع الآن قيد التنفيذ)؛ وعليه فلا يمكننا التأكد من وجود تماثل حقيقي بين الجينات؛ إذ يكون بعضها متطابقا، والبعض بينه تطابق تقريبي، والبعض الآخر بينه مجرد تشابه، على طول كامل تتابعات الدي إن إيه الخاصة بها.
أما عن الوظيفة التي يحددها كل جين عند ترجمته إلى بروتينات، فإننا لا نعرف هذا حتى في حالة الإنسان، فلا يمكننا في الوقت الحالي استنتاج وظيفة أحد البروتينات من مجرد تسلسل الأحماض الأمينية التي يتكون منها، التي تمثل كافة المعلومات التي يحتوي عليها الجين؛ فقد اتضح أن بعض البروتينات ذات التسلسل المتشابه تؤدي وظائف مختلفة، وبعض البروتينات ذات التسلسل المختلف تؤدي الوظيفة نفسها. استغرقت معرفة تسلسل الدي إن إيه البشري أقل من عقد من الزمن، ومن المحتمل أن يستغرق فهم وظائف كافة البروتينات التي تحددها هذه الجينات على الأقل الفترة نفسها. وحتى تتضح وظائف كافة البروتينات لدى الشمبانزي والإنسان لا يمكننا التأكد مما إذا كان أحدها يؤدي دورا مختلفا تماما لدى الشمبانزي عن دوره لدى الإنسان أم لا. ومع ذلك، أيا كانت النتيجة، يمكننا التأكد إلى حد ما أن الآلية التي شرحناها مسبقا عند الحديث عن ظهور الأنواع الجديدة من حيث التراكم التدريجي للجينات الطافرة؛ تنطبق أيضا على ظهور الأجناس الجديدة.
إذا أردنا توسيع نطاق تطبيق هذه الحجة، فيمكنني توقع عدم وجود جينات خاصة بالرئيسيات في مقابل جينات خاصة بالقرود، وجينات خاصة بالثدييات في مقابل جينات خاصة بالطيور أو الزواحف، وجينات خاصة بالفقاريات في مقابل جينات خاصة باللافقاريات، وهكذا؛ فنحن لا نستطيع التعرف على إنسان أو شمبانزي، قرد أو حمامة، تمساح أو دبور، من خلال جيناته فقط؛ فلا يمكن تحديد انتماء الكائن إلا كوحدة واحدة لأحد الأنواع أو الأجناس أو الفصائل أو الرتب أو الفئات أو الشعب. ظللت طوال أكثر من 40 سنة أخبر الطلبة الذين يدرسون الكيمياء الحيوية والطب أنه في حال وجدت لدينا خلايا كبد متجانس مذابة في محلول فسيكون من الصعب علينا تحديد إذا كان هذا الكبد لفيل أم لإنسان؛ فتحليل الجزيئات التي يتكون منها لا يكشف عن مصدره، لكن إذا دخل الكائن صاحب هذا الكبد إلى الغرفة، فسيكون من السهل تمييزه عن غيره. في الواقع إن حقيقة أننا نشترك مع الموز في 50٪ من جيناتنا تدعم نقطة التشابه هذه في التكوين الجزيئي بين كافة أشكال الحياة؛ إنه لا يوجد سوى تغير تدريجي بين الجرثومة الأولى والإنسان. (7) تنوع الشكل والوظيفة
تنمو خارج نافذة مكتبي شجرتان متناسقتان من نوع كستناء الحصان (أيسكولوس هيبوكاستانوم). في أواخر فصل الصيف لا يمكن رؤيتهما؛ إذ تكون كل منهما مليئة بالفاكهة التي كنا نطلق عليها ونحن صغار اسم «كونكيرس»، ومع ذلك لاحظت في فصل الربيع تأخر ظهور الأوراق، ومن ثم الأزهار، في الشجرة الموجودة على جهة اليسار لعدة أسابيع عن الشجرة الموجودة على اليمين. على الأرجح كلتا الشجرتين قطعتا من الجذع نفسه؛ فهما شجرتان أختان، لكن الشجرة على اليسار «متأخرة النمو». أشرنا من قبل إلى حقيقة عدم وجود تطابق كامل بين أي فردين من ذرية الكائن نفسه. فحتى في التوأم المتطابق تظهر علامات الاختلاف البسيط مع بدء تأثير البيئة في جيناتهما على نحو مختلف (بحيث يصاب أحدهما، على سبيل المثال، بالسرطان بينما لا يصاب الآخر به).
Halaman tidak diketahui