Jawhar Insaniyya
جوهر الإنسانية: سعي لا ينتهي وحراك لا يتوقف
Genre-genre
2
للمرء بالتفكير في التفاعلات النيوتونية بين الأجسام من حيث الطاقة - التي يمتلكها الضوء بالتأكيد - بدلا من الكتلة؟ هذا هو جوهر نظرية أينشتاين عن النسبية العامة، التي قدمها إلى الأكاديمية البروسية للعلوم في عام 1915؛ واستغرق إثباتها وقتا أطول.
مرت عدة سنوات على هذا، على الأرجح نظرا لانقطاع الاتصال بين ألمانيا والدول الأخرى بسبب الحرب العالمية الأولى. بعد هذا تعرف عالم إنجليزي، هو آرثر إدنجتون، على جوهر نظرية النسبية العامة. فقد أدرك، مثل أينشتاين، وجود اختبار بسيط لإثباتها بطريقة أو بأخرى. كان الهدف من هذا الاختبار تحديد ما إذا كان الضوء الصادر من نجم بعيد ينحرف بالفعل عند مروره بالقرب من الشمس أم لا؛ بعبارة أخرى، مقارنة المكان «س» لنجم بعيد عندما تكون الشمس بينه وبين المراقب على سطح الأرض، بمكان هذا النجم «ص» من الموقع نفسه عندما تكون الشمس وراء الأرض (شكل
11-1 ). إذا كان الضوء ينحرف، حينها فإن الموقع «س» سيكون منحرفا قليلا عن الموقع «ص»؛ وإن لم يكن ينحرف، فإن المكان «س» و«ص» سيظلان كما هما. لكن توجد مشكلة؛ فسطوع الشمس في الحالة «س» يمنع المرء من رؤية أي نجوم على الإطلاق. ومن ناحية أخرى، إذا أراد المرء قياس المكان «س» عند حدوث كسوف كلي للشمس (عندما يكون القمر بين الشمس والأرض، ويخيم الظلام مؤقتا على الأرض)، فمن المفترض أن يكون من الممكن رؤية نجم بعيد بما يكفي لقياس الموقع «س». قرر إدنجتون إجراء التجربة في الفرصة التالية. وفي 29 مايو عام 1919 مكن كسوف كلي للشمس المراقبين في موقعين من إجراء الملاحظات اللازمة. كان أحد الموقعين في جزيرة برنسيب عند ساحل غرب أفريقيا، والآخر في بلدة سوبرال في شمالي البرازيل. واجه المراقبون في أفريقيا صعوبة في رؤية أي نجوم بسبب السحب، لكن مع ذلك توصلوا إلى نتيجة 1,61 ± 0,4 ثانية قوسية
31 (يعبر رمز ± عن الخطأ المعياري)، بوصفه الفارق بين الموقع «س» و«ص». أما المجموعة الثانية في البرازيل، فقد كان الطقس لديها أفضل وتوصلوا إلى رقم 1,98 ± 0,16؛ كان الرقم الذي توقعه أينشتاين 1,74؛ وبذلك ثبتت صحة نظرية النسبية العامة. بطبيعة الحال في كل مرة كان يحدث فيها كسوف كلي للشمس فيما بعد، كان العلماء يحاولون صقل نتائج ملاحظات عام 1919 لرؤية ما إذا كان يمكنهم الاقتراب من رقم 1,74، مع تقليل الخطأ المعياري. وفي عام 1922 ظهرت فرصة لفعل هذا من أستراليا. وقد كان أينشتاين في وسط إلقاء محاضرته المفضلة عن النسبية في برلين (التي حضرتها والدتي)، عندما قال عفويا لجمهوره: «والآن علي الاستئذان منكم للحظة لأذهب إلى الهاتف لانتظار مكالمة تصلني من أستراليا.» بعد بضع دقائق عاد بابتسامة ترتسم على وجهه وقال: «تأكدت تنبؤات النظرية مرة أخرى للتو.»
شكل 11-1: انحراف الضوء. مأخوذة من بيتر كولز، المرجع السابق، ص43. انظر النص لمعرفة التفاصيل.
سيلاحظ القارئ عدم إدراجي لأربعة من علماء الأحياء البارزين في هذا الجزء الذي أتحدث فيه عن العلماء؛ هم ويليام هارفي وتشارلز داروين وجيمس واطسون وفرانسيس كريك. السبب في هذا بسيط؛ فقد تحدثت عن اكتشافات هارفي في كتاب سابق لي،
32
كما تحدثت عن نظرية داروين وتجارب واطسون وكريك المستنيرة في الفصل الثاني. (3) أسس الطب
يرجع الفضول بشأن أجسامنا والبيئة المحيطة بنا إلى وقت ظهور الإنسان نفسه، ولهذا يعتبر علم الطب والفلك من بين أقدم الفروع المعرفية المدرسة. يطلق على ممارسة الطب - المداواة - فن بحق (بمعنى المهارة)؛ كما أنها تكنولوجيا ترجع إلى أكثر من 4 آلاف سنة. متى ظهرت لأول مرة تفسيرات منطقية بشأن طريقة عمل أجسامنا؟ ومتى أصبح الطب علما؟ حسنا، في الواقع لا يعتبر الطب علما؛ فإن المعرفة التي يرتكز عليها، من تشريح وفسيولوجيا وكيمياء حيوية وأحياء مجهرية وعلم الأجنة والنفس والمناعة والأورام، هي التي تمثل علما. ولم تعد هذه الفروع المعرفية علما هي الأخرى إلا حين استطاعت تقديم تفسيرات منطقية لطريقة عمل الأشياء. فلا يمثل التعرف على العظام والعضلات المختلفة والأوعية الدموية والأعصاب وتحديد أسمائها علما، تماما مثلما لا يعتبر تدوين الأنواع المختلفة للنباتات والأشجار والحيوانات والنجوم كذلك. فيتمثل العلم في معرفة سبب قوة العظام، وانقباض العضلات، وماهية المواد التي تنتقل عبر الأوعية الدموية، وطريقة نقل الأعصاب للنبضات. فإن وصف أن الكبد يتكون من أربعة فصوص وأن ثمة زوج من الكلى والغدد الكظرية والرئتين، لا يشرح وظيفتها. يمكن القول إن علم وظائف الأعضاء (الفسيولوجيا) لم يبدأ إلا في النصف الثاني من القرن السابع عشر، عندما أظهر روبرت بويل (أبو الكيمياء وابن إيرل كروك) أن الحيوانات المحرومة من الأكسجين تموت، وأظهر ويليام هارفي كيف يتمكن القلب من ضخ الدم في جميع أنحاء الجسم دون خسارة. ولم يبدأ علم الكيمياء الحيوية - وصف الحياة من الناحية الكيميائية - حتى وقت متقدم من القرن العشرين، بعد التوصل إلى تركيب جزيئات، مثل الكربوهيدرات والدهون والبروتينات والأحماض النووية، ومعرفة وظيفتها.
Halaman tidak diketahui