" لا أقول { ألم } حرف وذلك الكتاب حرف، ولكن الألف حرف، واللام حرف، والميم حرف، والذال حرف، والكاف حرف "
لأن الاصطلاح على تقسيم أنواع الكلام إلى اسم وفعل وحرف إصطلاح طارىء لا يحمل عليه الكلام النبوي الشريف، وقد كانوا قبل حدوث هذا الاصطلاح يطلقون الحرف على الحروف البسيطة، التي يتركب منها الكلام، وهي مسميات هذه الكلمات كما قلنا، وربما أطلقوه تجوزا على نفس الكلمات، والرسول صلى الله عليه وسلم أراد بقوله: " لا أقول الم حرف.. " الخ، دفع ظن التجوز، والظاهر ما حرره بعض المفسرين أن المراد من الحديث بيان أن الحسنات على تلاوة القرآن تكون بحسب حروفه المكتوبة إذ لو كانت بحسب النطق لعدت (ألف) ثلاثة أحرف، ويؤيده ما في رواية الترمذي والدارمي من زيادة:
" والذال حرف والكاف حرف "
فإن الذال بمدها تتولد من فتحتها ألف، فلو اعتبر التلفظ لكان الجدير باعتبارها مع مدتها حرفين، ويومئ إلى ذلك التعبير بكتاب الله المفهم للكتابة دون كلام الله أو القرآن.
إعراب هذه الكلمات:
وإذا عرفت أنها أسماء فاعلم أنها غير مبنية، لأن الاعراب هو الأصل فيها، ولكنها سكنت أعجازها هنا لأجل معاملتها معاملة الاسم الموقوف عليه، لأنها سردت سردا من غير أن تلحقها عوامل تقتضي حالة من حالات الاعراب.
معانيها:
أما معانيها في طلائع السور فقد اختلف فيها المفسرون سلفا وخلفا، ونستطيع أن نرد آراءهم إلى موقفين؛ موقف الذين تهيبوا من الخوض في معانيها حذرا من الانزلاق، لأنهم عدوه من التقول على الله بغير علم، وليس الموقف بالهين، فالكلام كلام الله، ونسبة ما لم يرده تعالى إليه كنسبة ما لم يقله.
وموقف الذين تجاسروا على القول فيها بحسب ما توحي به القرائن، وترشد إليه الدلائل، ولم نعثر في هذه الفواتح على شيء يعزى إلى النبي صلى الله عليه وسلم من تفسيرها ولو من وجه ضعيف، ولو حصل وثبت لتبخر النزاع، وزال الشقاق لوجوب التسليم له عليه أفضل الصلاة والسلام، فهو أعلم بالتنزيل ومقاصده، والتأويل وطرائقه، ولكلا الفريقين حجة يستندون إليها.
استدلال من لا يرى الخوض في معانيها:
Halaman tidak diketahui