Jawahir Tafsir
جواهر التفسير
Genre-genre
وكنت كذات الضنى لم تدر إذ بغت
تؤامر نفسيها أتسرق أم تزني؟
ويحتمل أن يكون خادع هنا بمعنى خدع مع قصد المبالغة كما تقدم في تفسير صدر الآية، وبناء على ذلك يكون معنى القراءتين واحدا.
وانتقد ابن جرير قراءة { وما يخادعون } فعدها غير صحيحة، وقد بنى هذا الانتقاد على أن فعل هو الذي يكشف عاقبة المفاعلة دون فاعل، كما يقال قاتل فلان فلانا، وما قتل إلا نفسه، إذا كانت عاقبة المقاتلة رجعت عليه دون صاحبه، وعزز ذلك بأن مخادعتهم لله وللمؤمنين مثبتة في صدر الآية، فإذا حصرت المخادعة بعد في أنفسهم انتفى ما كان مثبتا، وهو تناقض لا يحوم حول ساحة القرآن.
وقد علمت أن هذه القراءة هي قراءة ثلاثة من السبعة المشهورين، وقراءة كل واحد من القراء السبعة معدودة في المتواتر الذي لا يصح إنكاره أو رفضه، فرد أية قراءة من السبع عثرة لا تقال، وقد تكرر وقوع ابن جرير في هذه الورطة على إمامته في التفسير، كما سنبين ذلك إن شاء الله كلا في موضعه.
وكما اتفق الجمهور على تواتر قراءتي " ملك ومالك " اتفقوا على تواتر قراءتي " يخدعون ويخادعون " ، ذلك لأن الاختلاف فيهما عائد إلى جوهر القراءة، وهو مما يعد من المتواتر عندهم، وإنما اختلفوا فيما كان من قبيل الأداء، كالامالة والمد والترقيق والتفخيم والغنة، فقيل بتواتره في السبع، وقيل بعدمه.
وبما ذكرته من توجيه هذه القراءة يندفع الاشكال الذي زعمه ابن جرير، وما ذكره من لزوم نفي ما أثبت عليها، مدفوع بأن جهتي الاثبات والنفي مختلفتان، وبذلك يندفع المحذور، ونحوه ما في قوله تعالى:
وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى
[الأنفال: 17]، ففي صدر الآية نفي الرمي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي وسطها إثباته، وفي آخرها إسناده إلى الله تعالى، فلو أخذ بظاهر اللفظ لقيل بالتناقض، غير أن الرمي المنفي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والمثبت لله هو غير الذي أثبت للرسول، والقرآن نزل بلسان العرب الذي يستعمل الكلمات في حقيقتها تارة وفي مجازها أخرى، والقرائن هي الكفيلة ببيان المراد.
وذكر أبو حيان في البحر أن بعضهم ادعى بأن في عبارة هذه الآية قلبا، وأن الأصل وما يخادعهم إلا أنفسهم، لأن الانسان لا يخدع نفسه، بل هي التي تخدعه وتسول له وتأمره بالسوء، وأورد أشياء مما قلبته العرب، وذكر أبو حيان أن للنحويين مذهبين في القلب:
Halaman tidak diketahui