228

Jawahir Hisan dalam Tafsir Al-Quran

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

Genre-genre

وقال ابن عباس: لما شق ذلك عليهم، فأنزل الله تعالى: { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها... } الآية، فنسخت الوسوسة، وثبت القول، والفعل.

وقال آخرون: هذه الآية محكمة غير منسوخة، والله محاسب خلقه على ما عملوه، وأضمروه، وأرادوه، ويغفر للمؤمنين، ويأخذ به أهل الكفر والنفاق؛ ورجح الطبري أن الآية محكمة غير منسوخة.

* ع *: وهذا هو الصواب، وإنما هي مخصصة، وذلك أن قوله تعالى: { وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه }: معناه: بما هو في وسعكم، وتحت كسبكم، وذلك استصحاب المعتقد، والفكر فيه، فلما كان اللفظ مما يمكن أن تدخل فيه الخواطر، أشفق الصحابة، والنبي صلى الله عليه وسلم فبين الله تعالى لهم ما أراد بالآية الأولى، وخصصها، ونص على حكمه؛ أنه لا يكلف نفسا إلا وسعها، والخواطر ليست هي، ولا دفعها في الوسع، بل هي أمر غالب، وليست مما يكسب، ولا يكتسب، وكان في هذا البيان فرحهم، وكشف كربهم، وتأتي الآية محكمة لا نسخ فيها، ومما يدفع أمر النسخ؛ أن الآية خبر، والأخبار يدخلها النسخ، فإن ذهب ذاهب إلى تقرير النسخ، فإنما يترتب له في الحكم الذي لحق الصحابة، حين فزعوا من الآية، وذلك أن قول النبي صلى الله عليه وسلم لهم: «قولوا سمعنا وأطعنا»، يجيء منه: الأمر بأن يبنوا على هذا، ويلتزموه، وينتظروا لطف الله في الغفران، فإذا قرر هذا الحكم، فصحيح وقوع النسخ فيه، وتشبه الآية حينئذ قوله تعالى:

إن يكن منكم عشرون صبرون يغلبوا مائتين

[الأنفال:65]، فهذا لفظه الخبر، ولكن معناه: التزموا هذا، وابنوا عليه، واصبروا بحسبه، ثم نسخ ذلك بعد ذلك، فهذه الآية في البقرة أشبه شيء بها.

وقوله تعالى: { ويعذب من يشاء } ، يعني: من العصاة، وتعلق قوم بهذه الآية ممن قال بجواز تكليف ما لا يطاق، وقالوا: إن الله قد كلفهم أمر الخواطر، وذلك مما لا يطاق، قال: * ع *: وهذا غير بين، وإنما كان أمر الخواطر تأويلا أوله أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يثبت تكليفا إلا على الوجه الذي ذكرناه من تقرير النبي صلى الله عليه وسلم، إنه على ذلك، قال الشيخ الولي العارف بالله ابن أبي جمرة: والخواطر عندهم ستة يعني عند العلماء العارفين بالله: أولها الهمة، ثم اللمة، ثم الخطرة؛ وهذه الثلاث عندهم غير مؤاخذ بها، ثم نية، ثم إرادة، ثم عزيمة، وهذه الثلاث مؤاخذ بها.

اه.

وقوله تعالى: { آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه... } الآية: سبب هذه الآية أنه لما نزلت: { وإن تبدوا ما في أنفسكم } ، وأشفق منها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ثم تقرر الأمر على أن قالوا:«سمعنا وأطعنا»، ورجعوا إلى التضرع والاستكانة، مدحهم الله تعالى، وأثنى عليهم في هذه الآية، وقدم ذلك بين يدي رفقه بهم، فجمع لهم تعالى التشريف بالمدح، والثناء، ورفع المشقة في أمر الخواطر، وهذه ثمرة الطاعة والانقطاع إلى الله تعالى، لا كما قالت بنو إسرائيل:

سمعنا وعصينا

[البقرة:93]؛ فأعقبهم ضد ذلك، وهذه ثمرة العصيان، أعاذنا الله من نقمه.

Halaman tidak diketahui