وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّ الظُّلْمَةَ قَدِيمَةٌ أَزَلِيَّةٌ مَعَ أَنَّهَا مَذْمُومَةٌ عِنْدَهُمْ لَيْسَتْ مُمَاثِلَةً لِلنُّورِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: بَلْ هِيَ حَادِثَةٌ، وَأَنَّ النُّورَ فَكَّرَ فِكْرَةً رَدِيئَةً، فَحَدَثَتِ الظُّلْمَةُ عَنْ تِلْكَ الْفِكْرَةِ الرَّدِيئَةِ.
فَقَالَ لَهُمْ أَهْلُ التَّوْحِيدِ: أَنْتُمْ بِزَعْمِكُمْ كَرِهْتُمْ أَنْ تُضِيفُوا إِلَى الرَّبِّ ﷾ خَلْقَ مَا فِي الْعَالَمِ مِنَ الشَّرِّ وَجَعَلْتُمُوهُ خَالِقًا لِأَصْلِ الشَّرِّ، وَهَؤُلَاءِ مَعَ إِثْبَاتِهِمُ اثْنَيْنِ وَتَسْمِيَةِ النَّاسِ لَهُمْ بِالثَّنَوِيَّةِ فَهُمْ لَا يَقُولُونَ: إِنَّ الشِّرِّيرَ مُمَاثِلٌ لِلْخَيْرِ.
وَكَذَلِكَ الدَّهْرِيَّةُ دَهْرِيَّةُ الْفَلَاسِفَةِ وَغَيْرُهُمْ، مِنْهُمْ مَنْ يُنْكِرُ الصَّانِعَ لِلْعَالَمِ، كَالْقَوْلِ الَّذِي أَظْهَرَهُ فِرْعَوْنُ لَعَنَهُ اللَّهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُقِرُّ بِعِلَّةٍ يَتَحَرَّكُ الْفَلَكُ لِلتَّشَبُّهِ بِهَا كَأَرِسْطُو وَأَتْبَاعِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بِالْمُوجِبِ بِالذَّاتِ الْمُسْتَلْزِمِ لِلْفَلَكِ كَابْنِ سِينَا.