وَأَمَّا أَهْلُ طَرَفِ الشَّمَالِ فَلِقُوَّةِ الْبَرْدِ لَمْ تَنْضَجْ أَخْلَاطُهُمْ، بَلْ صَارَتْ فَجَّةً، فَأَفْرَطُوا فِي سُبُوطَةِ الشَّعْرِ وَالْبَيَاضِ الْبَارِدِ الَّذِي لَا يُسْتَحْسَنُ.
وَلِهَذَا لَمَّا ظَهَرَ الْإِسْلَامُ غَلَبَ أَهْلُهُ عَلَى وَسَطِ الْمَعْمُورَةِ، وَهُمْ أَعْدَلُ بَنِي آدَمَ وَأَكْمَلُهُمْ، وَالنَّصَارَى الَّذِينَ تَرَبَّوْا تَحْتَ ذِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ أَكْمَلُ مِنْ غَيْرِهِمْ مِنَ النَّصَارَى عُقُولًا وَأَخْلَاقًا، وَأَمَّا النَّصَارَى الْمُحَارِبُونَ لِلْمُسْلِمِينَ الْخَارِجُونَ عَنْ ذِمَّتِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنُوبِ وَالشَّمَالِ، فَهُمْ أَنْقَصُ عُقُولًا وَأَخْلَاقًا، وَلِمَا فِيهِمْ مِنْ نَقْصِ الْعُقُولِ وَالْأَخْلَاقِ ظَهَرَتْ فِيهِمُ النَّصْرَانِيَّةُ دُونَ الْإِسْلَامِ.
[تَوْجِيهُ الدَّعْوَةِ مِنَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ الْكِتَابِ وَغَيْرِهِمْ]
وَالْمَقْصُودُ: أَنَّ مُحَمَّدًا ﷺ هُوَ نَفْسُهُ دَعَا أَهْلَ الْكِتَابِ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى إِلَى الْإِيْمَانِ بِهِ، وَبِمَا جَاءَ بِهِ، كَمَا دَعَا مَنْ لَا كِتَابَ لَهُ مِنَ الْعَرَبِ وَسَائِرِ الْأُمَمِ.