وهو راوي الخبر، كما ذكر ذلك مسلم في صحيحه، والإمام أحمد في مسنده، وغيرهما من أهل الحديث، وهذا لفظهما، وروايتهما: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أبي حيان اليمني، حدثني يزيد بن حبان، قال: انطلقت أنا وحصين بن سبرة، وعمرو بن مسلم إلى زيد بن أرقم، فلما جلسنا إليه، قال له حصين: لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا؛ رأيت رسول الله ﷺ وسمعت حديثه وغزوت معه، وصليت معه، لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا، حدِّثْنا يا زيد ما سمعت من رسول الله ﷺ فقال: يا ابن أخي، والله لقد كبر سني، وقدم عهدي، ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله ﷺ فما حدثتكم فاقبلوه، وما لا فلا تكلفونيه.
ثم قال: قام فينا رسول الله ﷺ يوما خطيبا بماء يدعى (خما) بين مكة والمدينة، فحمد الله، وأثنى عليه، وذكر، ووعظ، ثم قال: "أما بعد؛ ألا أيها الناس إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب، وإني تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله؛ فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله، واستمسكوا به"١، فحث على كتاب الله ورغب فيه، وقال: "وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي"٢، فقال له حصين: ومن أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: إن نساءه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده، قال: ومن هم؟ قال: هم آل علي، وآل عقيل، وآل جعفر، وآل العباس، قال: أكل هؤلاء حُرِمَ الصدقة؟ قال: نعم.
فانظر -رحمك الله- إلى كلام الصحابي، راوي الخبر، وإخباره أن أهل البيت كل من حرم الصدقة بعده٣، والرافضة والشيعة تحمل هذه الأحاديث على آل علي خاصة.
(الوجه الرابع): أن يقال: هذه الأحاديث أكثرها مطعون في صحتها، لا تقوم بها حجة، والصحيح منها لا يدل على مقصود هذا المعترض وأشباهه من أهل البدع، وذلك لأن مدلولها يعم أهل البيت، كآل علي، وآل العباس، وآل عقيل، وآل جعفر، وغيرهم ممن حُرِّمت عليه الصدقة، وتدل على أن إجماعهم حجة، وأنهم لا يجمعون على مخالفة كتاب الله وسنة رسوله.
وأما إذا اختلفوا لم يكن قول أحدهم حجة على الآخر، بل يجب الرد عند التنازع إلى الله، وإلى الرسول، كما قال -تعالى-: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾ ٤.
_________
١ مسلم: فضائل الصحابة (٢٤٠٨)، وأحمد (٤/٣٦٦)، والدارمي: فضائل القرآن (٣٣١٦) .
٢ مسلم: فضائل الصحابة (٢٤٠٨)، وأحمد (٤/٣٦٦)، والدارمي: فضائل القرآن (٣٣١٦) .
٣ والتحقيق أنهم بنو هاشم وبنو المطلب.
٤ سورة النساء آية: ٥٩.
1 / 86